السبت، 2 مايو 2009

Michael Clayton

فكرة البطل الذى يحارب من أجل كشف الحقيقة تم تناولها فى العديد من الأعمال سواء كانت مصرية أو أجنبية نذكر منها ( ضد الحكومة للمخرج عاطف الطيب ـ erien Brokofichللمخرج ستيفين سودربرج ) و ما يربط بين هذه الأعمال و فيلم مايكل كلايتون هو عمل أبطال الأفلام الثلاثة فى مهنة المحاماة ( عملت بطلة الفيلم الثانى / جوليا روبرتس فى مكتب أحد المحامين / ألبرت فينى ) كما أن جميعهم إنما يعانون من مشاكل أسرية مثل الإنفصال عن شريك الحياة ، وبينما يأتى مبرر تحول مصطفى / أحمد ذكى فى فيلم ضد الحكومة إلى مناضل بسبب إكتشافه وجود إبن له ضمن ضحايا الحادث ، يبدو مبرر مايكل / بطل فيلمنا أكثر منطقيه فهو على الأقل يرغب فى الإنتقام لنفسه أولاً و لصديقة الوحيد ثانياً .
ثلاثة خيول تقف صامته ينظر لها البطل مسحوراً ، يكاد يبكى من فرط إعجابه بها إنها تمثل فكرة البراءة فى أروع صورها ، وتمهد لتصرف البطل و الذى لم يتم تنميط شخصيته بل حرص الكاتب أن يضع لها العديد من التفاصيل التى تم زرعها بشكل دائم على مدار الفيلم مثل مشهد مقابلة مايكل لشقيقه المدمن وحالة الفتور التى عامله بها ( يسأل الطفل أباه عن قيام العم بالبكاء ) قبل أن يستعين به فى نهاية الأحداث .
تفاصيل أخرى تميز أغلب شخصيات العمل غير الأحادية مثل حالة التوتر التى تنتاب كارين / تيلدا سوينتون أثناء وجودها بمفردها والتى أظهرت كونها إنسانة صلبة من الخارج هشة تماماً من الداخل ( تم تقطيع الحوار الذى تنطقه الممثلة فى مشهد ظهورها الأول داخل الفلاش باك بين المنزل و قاعة الإجتماعات أثناء إجراء الحوار معها ) ، أو عثور مايكل على الخبز الذى كان يحمله أرثر أثناء حديثهما عندما قام بالتسلل إلى شقته ، بالإضافة إلى تكراره لعبارة صديقه ( أنا شيفا إله الموت ) أثناء حديثه مع كارين ، و إستفادته من الرواية التى كان يحدثه الإبن عنها أثناء وجودهما داخل السيارة حيث سارع بالإختفاء داخل الغابة و التخلص من متعلقاته بغرض تضليل من يبحثون عنه ( إستغل السيناريو تفصيلة الكتاب عندما وجده أرثر داخل غرفة البطل وتحدث مع الإبن عنه ثم وضع بداخلة الوصل الخاص بمكتب الكمبيوتر و تصوير المستندات والذى ساعد البطل على إدانة الشركة ) .
و يستخدم السيناريو إسلوب الرجوع بالذاكرة ( فلاش باك ) منذ بداية الفيلم ، ويقوم بتبرير كيفية وضع القنبلة داخل سيارة مايكل كلايتون / بطل الفيلم وعدم إكتشاف مطارديه نجاته بسبب فقدانهم أثر سيارته ، كما يعرض الحدث الرئيسى الذى بنيت عليه أحداث الفيلم وهو ( قيام أرثر بالتجرد من ملابسة أثناء وجودة داخل غرفة الشهادة ) من خلال شريط فيديو ، ويكرر عبارات الصديق مرتين والتى تلخص قراره ( خرجت من مخرج نظام مهمته الوحيدة هى إفراز السم ـ لقد ولدت من جديد ) وذلك للتأكيد على تبنى المخرج / المؤلف لوجهة نظره والتى ترجمها عن طريق المشهد الذى يقوم فيه بالسير أمام مبنى الأمم المتحدة .
و يوظف المخرج الصور الفوتوغرافية بشكل يخدم مضمون الفيلم فعندما يقتحم المحامى / سيدنى بولاك مكتب أرثر للبحث داخل متعلقاته يفتتح المشهد بصورة لأسرته وهم فى حالة سعادة فى إشارة إلى فقدانه الإستقرار الأسرى بعد وفاة زوجتة ، كما يتصدر شعار الشركة ( يو / نورث ) العديد من المشاهد الخاصة بالقتلة وذلك منذ ظهورهما الأول فى ملعب الجولف .
ينتهى فيلم ( مايكل كلايتون ) باستقلال البطل لسيارة أجرة ، يجلس بداخلها مبتسماً ، هذه النهايه المختلفة عن ختام فيلم ضد الحكومة الممتلىء بالكاميرات و المصورين و الصحفيين ، إنما تمثل الفارق الرئيسى بين الأفلام الطامحة فى تأييد جماهيرى و الأعمال التى تبقى فى تاريخ السينما لسنوات طويلة .

قبلات مسروقة

(يتعاظم الإحساس بالفقر لدى الشاب الفقير ، فيتجه إلى ذلك المكان الممتلىء بكل الموبقات ، ويكتشف تدريجياً أنه قد فقد بداخلة كل ما كان يربطة بأصوله الطيبه ) هذه الجملة السابقة إنما تلخص أحوال أكثر من نصف أبطال السينما المصرية بداية من صلاح / المطرب عبد الحليم حافظ فى فيلم الوسادة الخالية وإنتهاء بإيهاب بطل فيلم قبلات مسروقة .
إن تناول مشكلات الشباب فى السينما المصرية ، إنما يعتمد على محور أساسي ، هو إتهام الجيل القديم بأنه السبب الرئيسى لهذه المأساة التى يعيش فيها أبطال الأفلام ويشمل هذا الأباء و الأمهات مروراً بأصحاب العمل والذين يفضلون عمل الفتيات اللاتى يتمتعن بجمال ملحوظ ويرفضون الشباب الساعى إلى فرصة يستطيع من خلالها تحقيق أحلامه وهو المشهد الذى تكرر فى فيلمنا وأعتمد المخرج من خلاله على اللقطات المقربة لوجوه الشباب المحبط .
تبدو إستعانة المخرج خالد الحجر بفنانين كبار ينتمون إلى طاقم ماوراء الكاميرا( تصوير ـ ديكور ) جزءاً من خطة محكمة يهدف من خلالها إلى صنع صورة سينمائية تنتمى إلى فترة زمنية سابقة ، ويتضح ذلك باختيار مكان التصوير الخاص بمشاهد بيع محمد كريم للبضائع فى مدينة الإنتاج الإعلامى ، بالإضافة إلى الفندق المجاور للمدينة والذى تم تصوير ما يقرب من 10 مشاهد بداخله ، كما يمهد السيناريو لوجهة نظر المخرج بإعتمادة الرئيسى على الحوار فى التعبير عن دوافع الشخصيات مثل حديث حنان / فرح يوسف عن رغبتها فى الحصول على زوج ثرى بالإضافة إلى تعليقات الشخصيات حول إرتفاع الأسعار وخاصة فيما يخص الفنادق شديدة الفخامة والإتساع .
بينما يقتصر دور الإضاءة على الإنارة دون التعبير عن مضمون الفيلم وذلك باستثناء المشهد الخاص بانتحار فتاة الليل ، والذى شهد نجاحاً فى توظيف مصادر الإضاءة المعتمة والمعبرة عن الحالة النفسية السيئة التى تمر بها هذه الشخصية .
و على جانب أخر يحاول المخرج التعبير بالصورة عن مضمون الفيلم فى العديد من المشاهد ، فعلى سبيل المثال عندما يذهب كل من إيهاب و مروة ( أحمد عزمى ـ يسرا اللوزى ) إلى شقتهم الجديدة تستقبلهم الكاميرا من خلف باب العمارة الحديدى فى إشارة إلى إحساسهم بالإحباط وكأنهم يعيشون داخل سجن كبير وهو ما يتكرر فى موضع أخر من الفيلم عندما يكتشف عزت / باسم سمرة خيانة حبيبته فيجلس على السطوح الخاص بمنزله و يضع المخرج قفص العصافير الخاص به فى مقدمة الكادر بحيث يظهر الممثل من خلف قضبان القفص .
كما يهتم فى بعض الأحيان بوضع صور فوتوغرافية فى خلفية المشهد أو مقدمة الكادر للتعبير عن مضمون المشهد وهو ما يظهر بوضوح فى المشهد الذى تخبر فيه الأم / حنان يوسف إبنها بضرورة إعلان زواجة بمروة حيث نلاحظ وجود كلمة ( ok ) فى الأفيش المعلق على الحائط بمعنى موافق ، وعندما يقوم سليم / شادى خلف بقتل مايا / نيرمين ماهر يرصد المخرج صورة ضخمة معلقة على الحائط للشخصية وهى تتناول تفاحة حمراء ( فى إشارة لفكرة تفاحة أدم / رمز الغواية ) .
ونحن نلاحظ أيضا إرتباط بعض المقابلات الليلية بين فتاة الليل و سائق التاكسى / ماهر سليم بمكان معين وهو جراج مكتوب عليه بخط كبير ( ممنوع الإنتظار ) وهو ما يحيلنا إلى قيام المخرج بإدانة نشاطهم المشبوه .
بينما تأتى إختيارات بعض الممثلين غير موفقة إما بسبب عدم ملائمة السن مثل الممثل الذى أدى شخصية وكيل النيابة ذو الخمسين عاماً أو بسبب عدم التمكن من الإمساك بتفاصيل الشخصية ( مشهد المواجهة بين مايا و سليم ) .
كل هذه السلبيات والإيجابيات الموجودة داخل الشريط السينمائى تجيب على سؤال رئيسى وهو ما سبب عدم أحساس المشاهد بالتوحد مع شخصيات و أحداث فيلم ... قبلات مسروقة ؟ .