الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

شارع 18 ـ كامب ـ ورقة شفرة



عدة أفلام تنهمر كالمطر على شاشات السينما فى هذا الموسم الذى يطلق عليه بعض السينمائيين إسم (موسم حرق الأفلام ) فبالنظر إلى السنوات السابقة نجد أن أغلب الأفلام التى تم عرضها تنقسم إلى نوعين ، أفلام تعانى من ضعف واضح فى أغلب العناصر مثل بحبك وبموت فيك للمخرج سيد عيسوى ـ بالعربى سندريلا إخراج كريم ضياء الدين ، وأفلام تمتاز بموضوعات مختلفة عن السائد مثل خريف أدم للمخرج د/ محمد كامل القليوبى ـ فرحان ملازم أدم للمخرج عمر عبد العزيز ، كما نلاحظ أن أغلب هذه الأعمال لم تحقق إيرادات كبيرة باستثناء فيلم إنت عمرى للمخرج خالد يوسف ، والذى إشترك فى بطولته نجوم يتمتعون بحضور ملحوظ مثل ( هانى سلامة ـ منة شلبى ـ نيللى كريم ) .
بالنظر إلى التجارب الثلاثة ، نلاحظ عدة أشياء ، فهناك تجربتين تعد كل منهما العمل الأول للمخرج ( شارع 18ـ كامب ) ، بالإضافة إلى أن كتاب سيناريو الأفلام الثلاثة يكتب بعضهم لأول مرة ( عمر شامة ) ، كما يمكننا بتأمل بسيط لتترات الأفلام ملاحظة سعى كل مخرج من الثلاثة للإستعانة ببعض الأسماء المعروفة من الممثلين ( سامى العدل / شارع 18 ، لطفى لبيب / كامب ، سمير غانم / ورقة شفرة ) للظهور فى أدوار صغيرة ، كما يقومون بالإستعانه ببعض الكفاءات المعروفة فى المجالات المختلفة مثل مدير التصوير محسن نصر ، بينما يتصدر الأفيشات مجموعة من الممثلين ، يؤدون أول تجاربهم التمثيلية مثل ( أيمن الرفاعى ـ عمر حسن يوسف ـ هشام ماجد ) .
الهدف الرئيسى من الأعمال الثلاثة هو شباك التذاكر ، كما أن الوصول إلى قمة الإيرادات لا يتطلب إتقان تام من العناصر المختلفة ، وإنما يتطلب قدرة من صناع الأفلام على فهم أليات السوق ، لعمل توليفة ناجحة ، وهو ما حاولت هذه الأفلام الوصول إليه فعلا .
تعتمد الأفلام الثلاثة على العديد من الكليشيهات التقليدية مثل العم ( سامح الصريطى ) الذى يرغب فى الإستيلاء على ميراث إبنة أخيه ( ميس حمدان ) فى فيلم شارع 18 ، حبيبة البطل التى تتعرض للإغتصاب بعد قيام أحد الأصدقاء بوضع مخدر داخل كوب العصير ، حديث ريم هلال عند سبب إدمانها وهو عمل والدتها كراقصة ( لاحظ أن الأحداث تدور عام 2007 وليست فى منتصف الخمسينيات ) وذلك فى فيلم كامب ، بينما يتحول الأبطال الثلاثة فى ورقة شفرة إلى أشخاص جيدين ، يرفضون بيع تراث بلدهم ، ويعود أحدهم إلى حبيبته التى تركها فى بداية الأحداث .
ثمة تأثر واضح كالشمس لدى مخرجى الأفلام الثلاثة بالسينما الأمريكية ، وهو ما يظهر بوضوح من خلال العديد من التفاصيل المختلفة مثل ( ملابس القاتل الغامض ـ تدخين ظابط الشرطة للسجائر بإفراط واضح فى فيلم شارع 18 ، سقوط الأمطار أثناء إرتكاب جرائم القتل فى فيلم كامب ) ، المشكلة ليست فى الإقتباس ، وإنما فى روح الهواية التى تفسد أى محاولة للمتعة وتتسبب فى إكتشاف زيف ما نشاهده ، بسبب التنفيذ الساذج لبعض المشاهد ، فإذا تأملنا مشهد قيام الأب ( سامى العدل ) بالجرى خلف إبنته داخل كوريدور الشقة أو مشهد زيارة أيه لمنزل عمتها والذى ينتهى بلقطة طويلة لخروج البطلة من المنزل في فيلم شارع 18 ستتساءل طويلا عن سبب اللقطة على الرغم من إنتهاء الحوار بينهما ، أما مخرج فيلم كامب ( عبد العزيز حشاد ) فركز إهتماماته على إختيار الزوايا الغريبة من أعلى سلم الفندق ، وحاول أن يزرع الخوف فى قلب المشاهد ، ولكنه يختار للفنانين ملابس تظل جافة بعد سقوط الأمطار الغزيرة عليها ، بينما يذكرنا أداء الممثلين بترديد تحية العلم فى طابور الصباح ، أما التجربة الثالثة ( ورقة شفرة / أمير رمسيس ) فبالرغم من طرافة الفكرة إلا أن المخرج يقع فى العديد من الأخطاء التى تفسد متعة المشاهدة ، مثل تنفيذه الضعيف لمشاهد الحركة ( المعركة الأولى فى الفيلم ـ المعركة بين الأبطال الثلاثة والعصابة فى نهاية الأحداث ) ، كما أنه لم يلاحظ أن ملامح الممثلين ( أشرف سرحان ـ على حسنين ) و المكان ( المكتبة ) فى مشاهد الفلاش باك لم تتغير عن مشاهد الحاضر ، وأعتقد أنه بمجرد إهتمامه بتنفيذ كادرات جيدة لشروق الشمس يكون قد أدى المطلوب منه كمخرج .
قد تنجح هذه الأعمال فى شباك التذاكر ، ولكن يبقى سؤال بسيط ، هل تعتبر هذه الأفلام خطوة بالنسبة لصناعها ، حتى يتمكنون من صنع تجارب أفضل ، أم أن كل فيلم يمثل غاية المراد بالنسبة لمخرجه ، لننتظر عاماً واحداً ، وستظهر الإجابة أمام أعيننا بكلمات كبيرة .

فخفخينو ... مرحباً بالأفلام العظيمة

تتسبب بعض الأعمال السينمائية فى إصابتنا بالإكتئاب إما بسبب قتامة أجوائها مثل فيلمى ( mystic river ـ million dollar baby) للمخرج كلينت إيستوود ، أو بسبب إرتفاع مستواها الفنى مثل فيلمى
( awakenings ) إخراج بينى مارشال وفيلم (About Schmidt ) للمخرج ألكسندر باين ، حيث يشعر المتلقى المثقف والدارس لفن السينما بإستحالة قيامه بصنع هذه الأعمال فى مصر لثلاثة أسباب ، الأول هو عدم مكوث هذه التجارب فى دور العرض السينمائى لأكثر من إسبوع ، أما الثانى فيرجع إلى تصاعد ضحكات الجمهور وإستهجانه أثناء متابعته للموضوعات المختلفة عن السائد ، بعكس حالة التصفيق التى عمت القاعة المعروض فيها فيلم (بوحة) عندما ألقى البطل موعظته الختامية داخل قاعة المحكمة ، أما السبب الثالث فهو تعمد كثير من السينمائيين سواء من الأكاديميين أو المتمرسين إحباط التجارب الشابة بعبارات من طراز ( لماذا قمت بكتابة هذا العمل ) وهى أراء تكشف عن رغبتهم الدفينة فى الإستحواذ على كل شىء ، كأن يتم إستضافة أحد السينمائيين المدعين فى برنامج تلفزيونى فيقترح على المعد أن يكون الناقد الفلانى هو الضيف المشارك معه فى الحلقة ، وبعد أشهر قليلة نتابع عملاً هلامياً للفنان الأكذوبة على شاشات السينما ليعتبره الناقد أحد أهم الأعمال فى تاريخ السينما المصرية ، ويشيد بالحس الجمالى الذى يفتقده المخرج وكاتب المقال معاً ، كما يشير إلى الوميض الإبداعي المنتشر بين ثنايا هذه الفيلم المشرف ، وقد يشطح به القول فيقارن بين أداء البطل ونجم السينما روبرت دى نيرو ، أو يعتبر عدم فوزه فى إحدى المهرجانات لهو عار على لجنة التحكيم ، بالرغم من عدم إشتراك العمل فى أى مسابقة محلية أو دوليه .
تجمعت فى ذاكرتى العبارات السابقة أثناء مشاهدتى لفيلم ( فخفخينو ) أخر أعمال المخرج إبراهيم عفيفى ، والذى يجمعه مع كاتبه المفضل ( أحمد عبد السلام ) للمرة الرابعة بعد أفلام ( الفرن ـ السيد قشطة ـ عزبة الصفيح ) وهى أعمال تمتلىء بالتوابل التجارية والذى يحرص عليها المخرج فى هذا الفيلم مخاطباً غرائز الجمهور منذ المشهد الأول عن طريق استعراضه لأجساد الزوجة اللعوب والخادمة والجارة عند ظهورهم على الشاشة .
ويحفل الشريط السينمائى بالعديد من الإخفاقات مثل بدء الأحداث بمشهد طويل تحلم فيه إحدى الشخصيات الثانوية الغير مؤثرة فى تطور الدراما ، وأن يدور جزء كبير من الأحداث داخل أحدى شركات الإنتاج دون أن نعرف أى معلومه عن نوع الأعمال التى تنتجها هذه الشركة ، أو رصد كاميرا ( سعيد شيمى ) للمايك الخاص بتسجيل الصوت فى أحد المشاهد التى تجمع بين السكرتيرة ومساعد رجل الأعمال ، بالإضافة إلى ظهور أفيش فيلم الغجر (لنفس المخرج) فى أحد اللقطات بالرغم من مشاركة أحد أبطاله ( شريف عبد المنعم ) بدور رئيسى داخل العمل ، وقيام البطل بتهنئة إبنته لمساعدته فى التخلص من زوجته بالرغم من تأكيدها على معرفته بعلاقاتها المشينة .
يتشابه فيلم فخفخينو مع الأفلام الأجنبية الواردة فى بداية المقالة فى نقطه واحدة وهى الكأبة المسيطرة عليه ، فالعمل يؤكد إلى عجز الحكومة عن منح الخريجين الشباب وظائف ملائمة لمؤهلاتهم الجامعية مما يضطرهم إلى الإتجاه إلى أعمال أقل إحتراماً للحصول على المال ، كما ينتهى بهروب رجل الأعمال الفاسد ( يوسف شعبان ) إلى خارج البلاد فى إشارة لإستحالة القضاء على الفساد ، أما الشاب الطموح ( أحمد جمال ) فيتزوج من إبنة تاجر المخدرات ويتستر على جرائمه مطبقاً مقولة الفنان تامر هجرس فى فيلم ( البلد دى فيها حكومة ) ( علشان توصل فى البلد دى .. لازم تدوس على كل الناس ) .
وتبقى فى النهاية الإشارة إلى نقطة هامه وهى ما سبب قيامى بكتابة هذه المقالة ، الإجابة ببساطة متناهية هى رغبتى فى توجيه قدر من النصح والإرشاد للموهوبين الجدد .. أمامكم المثال الحى للفيلم المصرى سريع الإنتاج والإستهلاك ، فإما أن تصنعوا مثله ، أو عليكم الإتجاه إلى النيل فهو بالقطع أرحم من الواقع السينمائى المنحدر من سيء .... إلى أسوأ .