الأربعاء، 20 يناير 2010

كلمنى شكراً ....... عندما ينقلب السحر على الساحر




يثير الشريط السينمائى الأخير للمخرج خالد يوسف ، والذى يحمل إسم ( كلمنى شكراً ) العديد من التساؤلات والتى تدور فى مجملها حول علاقة الفنان بجمهوره ، فإذا كان مئات الشباب يعبرون عن غضبهم فور مشاهدتهم للمقدمات الإعلانية الخاصة بأعماله السينمائية ، وذلك عن طريق كتابة التعليقات فى مواقع الإنترنت المختلفة ، أو داخل الجروبات الموجودة على الموقع الإلكترونى الشهير الـ (  face book ) والتى يحمل بعضها إسم ( كارهى المخرج خالد يوسف ) ، فإن المردود الجماهيرى لأفلامه فى شباك التذاكر يأتى موازياً لحالة الرفض العامة لأفكارة ونوعية موضوعاته ، وكأن هناك مباراة لا تنتهى بين فريقين يصر كل منهما على هزيمة الأخر ، قبل أن تنتهى بخسارة الجميع .
يمتلك المخرج خالد يوسف كثير من الثقة بالنفس فهو يدفع بمجموعة من الممثلين قد لا ينتبه إليهم كثير من المخرجين ، مثل (عمرو سعد ـ صبرى فواز ) ، كما يرغب أحياناً فى التعاون مع بعض الممثلين ممن توقفوا على ممارسة فن التمثيل السينمائى مثل الفنانة شويكار والتى تشارك فى أخر أعماله ، ومصدر هذه الثقة تكمن فى تأكده الواضح من أن الجمهور العادى يثق فيه ، وهو ما يقودنا إلى السؤال الشهير ، لماذا تنجح أفلام خالد يوسف ؟ .
والإجابة هى ( لنفس أسباب فشل أعمال يسرى نصر الله وأسامة فوزى ) ، فبالرغم من أن الثلاثة مخرجين يتعرضون للسباب دائماً من الجمهور العادى عند عرض أعمالهم ، إلا أن المشاهد يعتبر تجارب مثل جنينة الأسماك أو جنة الشياطين لهى أعمال تتعالى عليه ، تتحدث عن أشخاص لا يمرون بمشاكلهم اليومية الموجودة على صفحات الجرائد ، ولا يعانون من أجل الحصول على لقمة العيش ، وذلك على عكس من أفلام خالد يوسف الأخيرة ، فهو يتعمد اختيار قصص شديدة البساطة مثل الأب الذى يفرق بين أبنائه فى المعاملة فيقتل أحدهما الأخر ( دكان شحاتة ) ، بالإضافة على أفكار حققت رواجاً فى السنوات السابقة مثل الفتاة التى تحمل سفاحاً ويرفض حبيبها الاعتراف بالجنين ـ والأبناء الذين يقسون على والدتهم العجوز وذلك فى فيلم ( حين ميسرة ) ، كما أنه يضفى بعداً سياسياً على مشاهد الأعمال ، عن طريق إبرازه لنشرات الأخبار والمانشيتات الصحفية التى تتحدث عن أهم التطورات السياسية والاجتماعية فى مصر .
من الأمور المتكررة فى أفلام خالد يوسف ، والتى تظهر على أشدها فى فيلم (كلمنى شكرا) ، أن يدور جزء من أحداث الفيلم داخل قسم الشرطة ، كما تصور الكاميرا الممثلين وهم يبكون فى مواقف ميلودرامية تماماً ، تهدف إلى الحصول على تصفيق المشاهدين ، وهو ما يمكن تطبيقه بشكل واضح على المشهد الخاص بقيام أحد مخرجى البرامج التلفزيونية بتصوير حلقة عن التعذيب داخل أقسام الشرطة ، فيستعين بإبراهيم توشكى ( عمرو عبد الجليل ) ووالدته ( شويكار ) حيث يفترض المشهد أن يصفع البطل والدته فيرفض ولكنها تمسك بيده وتصفح بها نفسها .
مشكلة فيلم ( كلمنى شكرا ) أنه وعد الجمهور بما لم يقدمه ، فالإعلان يعطى انطباع بفيلم كوميدى من الطراز الأول ، فإذا بالممثلين المساعدين يتفوقون فى خفة الظل على البطل ، كما توقع الجمهور أن يحتوى العمل على مشاهد جنسية كفيلم (الريس عمر حرب) ، فإذا بالأمر يقتصر على مشاهدة سيقان الفنانة (غادة عبد الرازق) ، بل أن مشاهد المشاجرات والانفجارات التى تواجدت فى فيلم (خيانة مشروعة) إختفت تماماً ، وعندما تهيأ المشاهد لمتابعة معركة أهل الحارة مع البلطجية وزعيمهم صلاح (ماجد المصرى) إنتهى القتال قبل أن يبدأ ، وحتى مشاهد الصراع على الماء والخبز التى تواجدت فى ( دكان شحاته ) بدت فقيرة وانتهى الخط الخاص بصاحب المخبز والذى يقوم ببيع الدقيق المدعم فى السوق السوداء بنهاية أخلاقية تماماً ( إصابة نجله الوحيد بالعمى ) .
يؤكد المخرج فى جميع لقاءاته الصحفية أن الفيلم يناقش ( أثر التطورات التكنولوجية على المواطن العادى ) ، وهو بذلك يتحدث عن فيلم أخر لم يصنعه بعد ، فما يقدمه العمل تحديداً هو الإشارة إلى رغبة القنوات الفضائية فى الاستحواذ على الاهتمام الجماهيرى عن طريق استغلال المواطنين السذج أمثال البطل وتصوير بعض المظاهر السلبية داخل مصر ، وهو الأمر الذى تابعه أغلب الرأى العام العربى فى القضية الخاصة بالمذيعه ( هالة سرحان ) ، كما أنه أشار إلى أخطار شبكة الإنترنت على الفتيات الفقيرات ، وذلك من خلال شخصية فجر ( حورية ) شقيقة البطلة ، ومن الممكن حذفها دون أن تتأثر الأحداث .
بعد مرور عشرات الدقائق من بداية الفيلم ، يقرر خالد يوسف أن يصنع مشهداً متميزاً ، فيصور بطل الفيلم وهو يتخيل أنه يؤدى شخصية الفنان ( نجيب الريحانى) داخل أحد أفلامه ، ولكن هذا الوميض لا يستمر أكثر من لحظات لنتابع إيقاعاً شديد البطء وإضاءة غير ملائمة لطبيعة الفيلم الكوميدى و تمثيل شديد الركاكة من الفنانة شويكار .
وإذا كان المخرج يحاول الربط بين البطل وإبنه الوحيد طوال الأحداث ، فإنه يشير إلى موضوع فيلمه القادم أثناء نزول تترات النهاية ، حيث يتم تصوير الإبن وهو يجلس أمام العديد من أجهزة التلفزيون ، يعرض أحدهم أحد الخطابات الخاصة  بالرئيس (جمال عبد الناصر) .

Coco Avent chanel ......... وأفلام السيرة الذاتية




تنقسم أفلام السير الذاتية للأدباء والسياسيين والفنانين إلى نوعين ، النوع الأول تتناول فيه الأعمال حياة الشخص باستفاضة ويتم من خلالها إستعراض تفاصيل حياته بأكملها وقد تنتهى بوفاة البطل مثل فيلم ( مالكوم إكس ) الذى رشح عنه الفنان دينزل واشنطن لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل ، أما النوع الثانى فيتم التركيز فيه على فترة محددة من حياة البطل مثل فيلمى 
( capote) إخراج بينيت ميللر والذى تناول قيام الصحفى ترومان كابوت 
( فيليب سيمور هوفمان ) بتأليف أحد أهم إبداعاته .
ويكتسب فيلم  (Coco Avent chanel ) أهميه كبرى نظراً لأنه الفيلم الثانى الذى يدور حول هذه الشخصية بعد الفيلم التلفزيونى  (Coco chanel ) إخراج كريستيان دوجواى ، والذى تم إنتاجه عام 2008 ، وقامت ببطولته الفنانة الكبيرة (شيرلى ماكلين) ، كما أن مخرجته 
( ان فونتين ) إمرأة ، فهى قطعاً لم تختر هذا الموضوع بمحض الصدفة ، بل لأنها تثق تماماً فى تقديمها رؤية مختلفة لهذه الشخصية الإستثنائية .
تقرر المخرجة / المؤلفة منذ بداية العمل أن تجعل الأحداث تختلف تماماً عن الفيلم التلفزيونى الذى سبق عرضه ، فتعبر عن فترة الطفولة الخاصة بالبطلة فى لقطات قليلة يتم التأكيد من خلالها على عنصرين الأول هو إفتقادها للأب وهو ما جعلها تدخل فى علاقة مع شخص يكبرها سناً عندما تبلغ سن الشباب ، أما العنصر الثانى فهو تطلعها الدائم ، فأسماء العاملين بالفيلم تتسرب بهدوء على الشاشة بينما تتأمل كوكو الطفلة العالم الخارجى وهو ما يتكرر بعد ذلك عند دخولها لمنزل الثرى بالسان ( بينويت بويلفوردى ) لأول مرة حيث تتابع البطله فى هذه المشاهد محتويات المنزل من أثاث وتحف غالية الثمن .
ويؤكد السيناريو على مهارة البطلة فى مجال تصميم الأزياء فى عدة مواضع ، فالبطلة تقوم بإصلاح الزى الخاص بشقيقتها حتى تستطيع ارتداءه فى أحد المشاهد ، كما تقوم بتغيير القبعة الخاصة بإحدى السيدات بأخرى مناسبة الفستان الذى ترتديه فى إحدى السهرات ، ويشير إلى إحتقار الطبقة الأرستقراطية للفن ، عندما يصوب بالسان الأسهم تجاه لوحه معلقة على الحائط .
وإذا كانت المخرجة تمنح المشاهد عبارة مجانيه فى النهاية وهى ( لقد كانت كوكو شانيل نموذجاً للمرأة العصرية ) ، فإنها تفشل فى التعبير عن معنى الجملة السابقة على مدار الأحداث ، فالفيلم لا يركز على أهم ما يميز إبداعاتها فى مجال تصميم الملابس ، فمعظم الأحداث تدور حول علاقة كوكو ( أودرى تاتو ) بعشيقها العجوز ، بل أن البطلة لم تفكر فى الإستقلال المادى عنه بعد تحولها لمصممة أزياء .
وعلى جانب أخر تهتم المخرجة باللقطات العامة التى تستعرض من خلالها المناظر الطبيعية الخلابة أثناء قيام البطلة بالتوجه إلى منزل بالسان ، كما تتمكن من التفرقة بين علاقة البطلة به القائمة على المنفعة المادية البحتة وحبها لبوبى ( أليخاندرو نيفولا ) عن طريق إختيار توقيت مشاهد ممارسة الحب ، فإذا كانت مشاهد كوكو مع بالسان تدور دائماً فى المساء ، فإن اللقاء الأول الذى يجمعها ببوبى بعد تركها للمنزل بشكل مؤقت يتم داخل سيارته نهاراً .
كما يعانى الفيلم من بطء الإيقاع فى كثير من أجزاءه بسبب سيطرة طول الحوار وإعتماد المؤلفة عليه فى توصيل أفكارها ، ويدل المشهد الأخير والذى تتذكر فيه البطله حياتها الماضيه بشكل سريع أثناء أحد عروض الأزياء على ضعف التناول حيث أنه يقدم للمشاهد مجموعه من المشاعر التى وصلت إليه بالفعل على مدار الأحداث ، كما أنه يختزل رحلة صعود البطلة بشكل مخل ودون أى تمهيد .