الأحد، 27 ديسمبر 2009

حصاد بانوراما الفيلم الأوروبى



مما لاشك فيه أن أكثر ما يميز برنامج ( بانوراما الفيلم الأوروبى) الذى أقامته شركة أفلام مصر العالمية ، هو التنوع فى الموضوعات ما بين التاريخى والإجتماعى والسيرة الذاتية ، ويمتد هذا التنوع ليشمل الضيوف المشاركين فى تقديم الندوات التى تعقب عروض الأفلام فهناك المخرجون مثل ( محمد خان) ، والنقاد ( د/ رفيق الصبان ) ، بالإضافة إلى بعض الممثلين المصريين مثل (خالد أبو النجا ) ، و قد يأتى أحد صناع الفيلم لتتحول الندوة من مجرد نقاش إلى تبادل للأراء بين المتلقى ومبدع العمل الفنى ، كما يمكننا ملاحظة عدة نقاط مشتركة بين هذه الأعمال .
1ـ الإنتماء إلى سينما المؤلف :ـ فهناك العديد من الأعمال ينفرد المخرج بمهمة كتابة السيناريو مثل فيلم ( الأحضان المكسورة للمخرج بيدرو ألمودوفار ) ، وفى أحيان أخرى يستعين المخرج بشخص أخر ليشاركه كتابة السيناريو ، سواء كان مؤلفاً محترفاً مثل (Robert Alberdingk Thijm ) مؤلف فيلم (دنيا وديزى) ، أو يمت لفنان الفيلم بصلة قرابة مثل استعانة مخرجة فيلم (coco avent chanel ) بشقيقتها ، كما جاءت بعض الأعمال مستوحاة من تجارب شخصية لصانعيها مثل فيلم ( this is england ) .
2ـ الحنين إلى الأب :ـ فنحن نلاحظ أن عدداً من شخصيات العمل يعانون من إفتقاد الأب سواء كان غائباً عنهم لسنوات طويلة مثل بطلة فيلم ( كوكو شانيل ) ، أو مازال على قيد الحياة مثل بطلة فيلم ( أربع دقائق ) ، وقد يتحول الأب إلى رمز سياسى مثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى فيلم ( الزمن الباقى ) للمخرج إيليا سليمان .
3ـ مناقشة قضايا القهر الإنسانى :ـ فالقهر فى هذه الأعمال يبدأ من إجبار الأطفال الفلسطينيين على أداء الأغانى التى تمجد إسرائيل داخل المدرسة فى فيلم (الزمن الباقى) ، مروراً بالمعاملة السيئة التى يعانى منها العرب والمسلمين المقيمين فى فرنسا فى فيلم (يوم التنورة ) ، وإنتهاء بحرمان العازفة الموهوبة من البيانو الذى يمثل بصيص الأمل الوحيد أثناء وجودها داخل السجن فى فيلم ( أربع دقائق ) .
4ـ علاقة عناوين الأفلام بمضمونها :ـ ففى بعض الأعمال يستوحى العنوان من عبارة نطقت بها إحدى الشخصيات الرئيسية مثل إقتراح البطلة تخصيص يوم لإرتداء التنورات فى فيلم ( يوم التنورة ) ، وقد يرتبط بإحدى اللحظات الحاسمة فى حياة البطل مثل الأربع دقائق التى تستغرقها بطلة الفيلم الألمانى فى عزف مقطوعتها الموسيقية قبل عودتها إلى السجن مرة أخرى ، وتحتوى عناوين أعمال أخرى على أسماء شخصياتها مثل ( كوكو شانيل ـ أيام إيما بلانك الأخيرة ) .
5ـ مشاركة الأفلام المعروضة فى أكبر المهرجانات الدولية :ـ وهو ما يظهر من خلال الفيلم الهولندى ( أيام إيما بلانك الأخيرة ) والذى شارك برنامج "أيام فينيسيا" فى مهرجان فينيسيا السينمائى 2009 ، وفيلم الزمن الباقى الذى شارك فى العديد من المحافل العالمية مثل مهرجانى ( كان وأبو ظبى ) هذا العام .
6ـ أثبتت هذه الأعمال ( باستثناء فيلم أجورا ) أن الإنتاج الضخم لا يصنع فيلماً جيداً ، فمعظم التجارب التى عرضت ضمن البانوراما ، قد تميزت بابتكاريه أفكارها ، وعدم الإستسلام إلى أشكال الفيلم التجارى التقليدى ، كما جنح العديد من المخرجون إلى ممثلين غير مشهورين رغبة منهم فى تخفيض التكلفة النهائية لتجاربهم ، ولثقتهم فى قدرات الفنانين ، وهو ما أدى إلى خروج هذه الأعمال بشكل متميز .

الخميس، 24 ديسمبر 2009

عزبة أدم ... الحنين إلى الماضى



 عند قيام صناع الأعمال السينمائية فى مصر بعقد المؤتمرات الصحفية تتردد عبارة (إننا نشارك فى أحد الأفلام الهامة التى تمتاز بروعة السيناريو ) ، وفور نزول الفيلم إلى صالات العرض الجماهيرى يفاجأ المشاهد بأنه على موعد مع أحد التجارب الضحلة على مستوى الفكر أو الفن ، مما يحيلنا إلى إختيارين ، إما أن يكون السيناريو الذى وافق عليه الممثلون لم يتم تصويره لظروف خاصة ، أو تعرض للتشويه المتعمد من قبل المخرج وجهة الإنتاج رغبة منهم فى ضغط النفقات ، ذلك بالإضافة طبعاً إلى تدخلات النجم فى السياق الدرامى بالحذف والإضافة .
ونحن نسمع منذ فترة ليست بالقصيرة العديد من أبيات الشعر التى تتحدث عن فيلم عزبة أدم ، وقامت إحدى الناقدات بتوبيخ الدكتور ( عزت أبو عوف ) رئيس مهرجان القاهرة السينمائى لمجرد قيامة بمهاجمة الفيلم قبل عرضه جماهيرياً ، كما تحدثت بعض المطبوعات عن قيام المخرج محمود كامل بالسفر خارج البلاد وتلقى دورة تدريبية فى فن الإخراج السينمائى عند توقف الفيلم بسبب المشاكل التى دبت بين صناعه ووزارة الداخلية .
والحقيقة أن الفيلم يبدو على مستوى الشكل عملا جاداً يتحدث عن تدهور أحوال البسطاء نتيجة الفقر والجهل والمرض ، وهى معان عظيمة إذا تم طرحها بشكل فنى جيد ، وهو مالم يتحقق فى هذا الفيلم .
يعتمد السيناريست محمد سليمان فى أول تجاربه المعروضة (بعد توقف فيلمه ـ ليلة واحدة ـ إخراج أكرم فريد إلى أجل غير مسمى )على الشخصيات النمطية فالأب ( محمود ياسين ) طيب إلى أقصى درجة ) ، أما حامد ( فتحى عبد الوهاب ) فهو مجرم بالسليقة ، يكتفى كاتب السيناريو بعبارة ( إبن كلب ) ليعبر بها عن بعده الإجتماعى والنفسى ، كما تبدو أغلب الخطوط الدرامية الموجودة داخل العمل مستوحاه من أفلام سبق عرضها ، فقيام ظابط شرطة بالإتفاق مع أحد المجرمين بحيث يقوم الثانى بممارسة أنشطته غير المشروعة تحت رعاية الأول قد تكرر فى فيلمى ( حين ميسرة للمخرج خالد يوسف ـ الجزيرة للمخرج شريف عرفة ) وبينما كان المجرم فى هذه الأعمال يساعد الشرطة فعلا بالكشف عن العناصر الإرهابية ، فإن المجرم فى هذا الفيلم لا نشاهدة وهو يقدم خدمة واحدة لظابط الشرطة تبرر مساعدته له .
كما ينحو السيناريو فى منتصف الأحداث إلى الكوميديا عندما يتم تجنيد مصطفى ( أحمد عزمى ) فى إحدى الجماعات الإرهابية داخل السجن ، وكأن المتطرفين يمارسون أنشطتهم فى العلن ، بل أن الكاتب يصيغ مشهداُ عبقرياً يؤدى فيه مصطفى الصلاه وخلفة أفراد الجماعة فى الهواء الطلق بينما يقوم عساكر السجن بالوقوف بجوارهم دون أن يعينهم الأمر فى شىء ، أما فتاة الليل ( دنيا سمير غانم ) فيحسب للمؤلف إبتكاره الواضح فى تبرير أسباب إنحرافها وهى مرض والدها الذى قضى نصف مشاهده وهو مستلقى على الفراش فى حالة من الإعياء التام ، ورغبتها فى توفير الدواء له .
ويرغب صناع العمل فى تجميع جميع القضايا التى تهم المواطن داخل الفيلم مثل سفر المدرسين للعمل خارج مصر أو شركات توظيف الأموال التى تستولى على مدخرات الفقراء ، وربما كان الفيلم سيناقش قضايا أخرى إذا إمتدت مدة عرضة ، كأن يتوفى شقيق مصطفى متأثراً بمرض إنفلونزا الخنازير ، أو يصاب الأب فى وجهه أثناء مشاهدته لمباراة مصر والجزائر .
أما المخرج محمود كامل فإن دراسته للسينما فى أمريكا تبرر لنا كون معظم مشاهير المخرجين ينتمون إلى دول أوروبا ، فالمخرج ألمو دوفار أسبانى الجنسية ، أما كل من مارتن سكورسيزى و فريدريكو فيللينى فموطنهم الأصلى إيطاليا ، أما مخرجنا العظيم فقد إتبع تكنيكاً مختلفاً فأكثر من اللقطات المقربة للوجوه وكأنه يعلن عن سعادته لإشتراك هذا الكم من الممثلين بالفيلم ، وإعتمد على زوايا تصوير منفره للعين مثل المشهد الذى يخرج فيه التاجر المستغل ( سعيد طرابيك ) من قسم الشرطة ، أو اللقطات المأخوذة لقصر مرشدى ( فتوح أحمد ) من الخارج ، كما ترك كل ممثل يلعب على سجيته ، فالفنان أحمد عزمى يؤدى دوره المفضل وهو طالب الثانوى المتعلم الذى يلتحق بالجماعات المتطرفة ، وماجد الجدوانى يلجأ لطبقة صوت مستعارة ليعبر عن سطوة ظابط الشرطة ، أما فتحى عبد الوهاب فتعامل مع دوره وكأنه يشارك فى إحدى المسرحيات فأخذ يبالغ فى التعبير عن حقارة الشخصية بواسطة حركة يديه وتعبيرات وجهه ، ونأتى إلى الفنان محمود ياسين الذى إتبع مقولة أن السينما فن شاب تعتمد بشكل أساسى على الفنانين الشباب ، فأدى دوره المحدود (عشرة مشاهد تقريباً ) بقدر غير قليل من الفتور ، حيث نلاحظ تعمد المخرج فى مشهد ظهوره الأول المصور بلونى (الأبيض والأسود) إختيار زاويا تصوير بحيث لا يظهر فى لقطة مقربة لتأكدة من رداءة الماكياج ، وهو الأمر الذى تكرر فى مشهد المطاردة بين كل من الظابط سعد والمجرمان ( فتحى عبد الوهاب ـ سليمان عيد ) ، حيث تتبادل أحجام اللقطات مابين لقطة عامة لسيارة الشرطى التى لا توضح الإضاءة ملامح قائدها ، ولقطة مقربة ( close up ) لوجه الممثل ( ماجد الكدوانى ) .
أما بالنسبة لبقية العناصر الفنية فنلاحظ أن إضاءة العديد من المشاهد غير ملائمة للمصدر مثل مشاهد حامد داخل المنزل بعد قتله لمرشدى أو اللقاء الأول بين مصطفى وأمير الجماعة الإرهابية وهو ما يدخل تحت مسئولية مدير التصوير ( هشام سرى ) ، و تصور مهندس الديكور كمال مجدى أن الحجز الخاص بقسم الشرطة عبارة عن سبورة فى إحدى الفصول فازدحم الحائط الذى يستند عليه المتهمون بعبارات تتحدث عن شخص واحد لا نعلمه ، كما جاء ديكور معقل الإرهابيين أشبه بمعسكرات الكشافة ، بينما تخيل المونتير عمرو عاصم بأنه يقوم بمونتاج فيلم عمارة يعقوبيان ، فلا تمر بضعة دقائق إلا ويفاجئنا بلقطة للبحر الذى تطل عليه عزبة أدم .
أما النتائج المترتبة على عرض هذا الفيلم فهى قيام جميع المعارضين لأفلام المخرج خالد يوسف بالإتفاق على نشر إعتذار مطول يعتذرون من خلاله عن وصفهم له بالرؤية القاتمة والمباشرة الفجة فى الجرائد الحكومية والمستقلة .

بالألوان الطبيعية ... عندما تهزم الحرفة الموهبة



من أكثر الأشياء المضحكة التى قرأتها فى الأونة الأخيرة هو تعليق لأحد الأشخاص على موقع ( الـ you tube ) يؤكد فيه أن مخرج فيلم بالألوان الطبيعية قدم هذا العمل لمجرد الربح التجارى ، بالرغم من أن المخرج أسامة فوزى قدم منذ تخرجه من المعهد العالى للسينما عام 1980 أربعة أفلام روائية طويلة وهو رقم أقل من نصف عدد الأفلام التى قدمها المخرج أحمد البدرى فى الخمسة أعوام الأخيرة ، بل أن ( أسامة فوزى ) لم يتم ظبطه متلبساً بإخراج أحد أغانى الفيديو كليب أو مسلسل تلفزيونى مكون من أربعون حلقة ، فهو بالتالى يسعى إلى توصيل أفكارة للمتلقى دون النظر إلى رأى المشاهد فى العمل ، أو الإستعانه بتمويل من الخارج يعرضه لإتهامات بتشويه سمعة مصر .
وفى الواقع أن تناول فيلم بالألوان الطبيعية لابد ألا يأتى بمعزل عن فيلم ( بحب السيما ) لنفس المخرج ، والذى إحتوى على شخصية شاب يهوى الرسم ولم يستطع تحقيق حلمه داخل مصر مما دفعة إلى السفر للخارج وهو نبيل ( خال الطفل نعيم ) ، وعلى هذا فإن فيلمنا يطرح فى أحد مستوياته المتعددة فكرة ( ماذا كان سيحدث لنبيل لو حقق حلمة بدخول كلية الفنون الجميلة ) .
يأتى بناء هذا العمل معتمداً على فكرة تكثيف اللحظات الزمنية الخاصة بالبطل ، فالأحداث تدور فى خمس سنوات ، ونلاحظ أن صناع الفيلم يتعمدون حذف الأزمنة الضعيفة ، مثل ذهاب يوسف لخطبة إلهام ، أو تطور العلاقة بين على (رمزى لينر) وصديقته ، بل أننا نتابع السنة الرابعة للبطل فى أربعة مشاهد فقط ، كما يجنحون إلى التفرقة بين نهايات كل مرحلة ، فالعام الأول ينتهى بالطلبة وهم يغنون ، بينما تأتى نهاية العام الثانى عندما يحدث يوسف زميلته عن حالة الحزن التى يمر بها ، بل أن مواقف الشخصيات من بعضها يتم التعبير عنها بشكل بصرى مثل قيام ليلى بتأمل اللوحة التى رسمها يوسف فى السنة الأولى ، أو إفراغ (على) للعصير الذى يشربه فى وجه زميله إبراهيم كناية عن كراهيته له ، بل أننا نفاجأ بعلاقات بصرية متكاملة ، فعلى سبيل نشاهد إبراهيم (إبراهيم صلاح ) يتحدث إلى إحدى الفتيات فى بداية العمل ، ثم تتطور علاقتهم فى مشهد أخر حين نراهم يسيرون سوياً داخل الجامعة أثناء حديث يوسف مع الأستاذ المستنير ، إلا أن نراها فى النهاية تدافع عنه عند تشاجره مع على .
يعلن المؤلف منذ البداية موقفة المضاد لإسلوب تعليم الفنون ، فنحن نلاحظ أن البطل حين يدخل الكلية لأول مرة فإنه يقابل بسخرية من طلاب السنوات السابقة ، وهو ما يشير إليه زميله بعبارة (حفلة الإستقبال ) ، والحقيقة أن الجملة السابقة لا تأتى بشكل عفوى ، فهى ترد المشاهد إلى الإهانة التى يتعرض إليها الشخص الذى يدخل السجن لأول مرة ، فالكلية أصبحت معادلا للسجن ، كما تسيطر فكرة المعادلات على معظم شخصيات العمل ، فالداعية الإسلامى يمثل الدين ، والموديل (سعيد صالح ) يمثل مستقبل البطل فى حالة إستسلامه ، أما فتاة الليل فتبدو إنعكاساً لموقف الفيلم من البطل ، فإذا كانت تقوم ببيع جسدها ، فإن بطلنا يتربح من فنه ، كما أن المخرج يعبر بصرياً عن تخبط بطله فى عدة مواضع مثل إنقسام طلبة الفنون إلى جماعات تعبر كل منها عن ثقافتها فيأتى الناتج النهائى عشوائياً لعدم رغبة أى منهم فى تقبل الأخر ، أو ذلك المشهد الذى يتنقل فيه البطل بين الطرق المختلفة داخل أحد الأسطح أثناء حديث صديقه عن بدء ظهور مشاعر الأبوة بداخلة .
يؤكد المؤلف على عدم إرتباط الموهبة بالدراسة الأكاديمية ، عندما يحدث يوسف عميد الكلية عن تميز طلبة قسم الدراسات الحرة ، ويشير إلى ضحالة تفكير الأساتذه ، عندما يتهمون الطلبة بالكسل مؤكدين أن بإمكانهم تحقيق أرباح مادية طائلة فى الوقت الذى يقومون فيه بالتدريس لهم ، ويتعامل مع شخصياته التى تمارس بعض الأفعال اللا أخلاقيه بقدر من التعاطف مثل موقف ( هدى ) فرح يوسف الخاص برغبتها فى الإحتفاظ بجنينها ، ويؤكد على سيطرة النزعة الدينية على المجتمع المصرى عندما يحدث الطالب الوصولى زميلته أن التصميمات الساذجة ذات البعد الدينى هى أكثر الأعمال التى تعجب بها الأسرة المصرية المحافظة ، ويشير إلى أن الخوف من الرسوب هو ما يشغل الطلاب عندما تتحدث إحدى الطالبات عن إضطرارها لرسم أفكار سبق وأن لاقت إشادة من الأساتذة حتى لا تتعرض للتوبيخ بسبب إبتكاراتها .
وعلى جانب أخر تأتى الإنتقالات فى الفيلم لتعبر عن مضمون العمل ، مثل الإنتقال من حديث الأستاذ عن ضرورة الإنطلاق وإحتفال الطلبة بعيد الحب ، أو القطع إلى حفلة الإستقبال بالكلية بعد قيام يوسف بالفرار من والدته المعترضة على اتجاهه للفن ، كما يؤكد الفيلم بصرياً أن بطلنا قد إستعاد توازنه من خلال إختيار توقيت مشهد النهاية الذى يدور نهاراً على عكس المشهد الذى دار فى نفس المكان عندما كان البطل يمر بحالة نفسية سيئة فدار فى فترة الغروب وصولاً إلى الليل .
وإذا كان طلبة الفنون الجميلة قد قاموا بمهاجمة المخرج أسامة فوزى قبل نزول العمل إلى صالات العرض السينمائى ، فإن كاتب هذه السطور يثق أنه لن يلتفت إلى هذا الهراء ، نظراً لإنشغالة فى التحضير لعمل جديد يدور حول ( مستقبل يوسف عقب إنخراطه فى الحياة العملية ) .

الأحد، 1 نوفمبر 2009

قصة قصيرة

المرة دى تغيير ، أتمنى القصة تعجب زوار المدونة

التأمل

من ضمن الأشياء المميزة لعمر أنه إنسان مثالى ، فهو يعمل فى وظيفة لا يكن أى إحترام لجميع الموجودين فيها ، وبالرغم من ذلك فهو بالنسبة إليهم شخصاً ساذجاً فهو يرد على جميع الزملاء بعبارة واحدة وهى ( تحت أمرك ) سواء كان يتبادل الحديث مع المدير الذى يمقته أو الساعى الذى يتمنى تعلم التصويب حتى يتخلص منه ، فى بعض الأيام تأتى إلى المكتبة التى يعمل بها إمرأه تبدو فى أحسن الأحوال أشبه بفتيات الليل ، تملك سيارة فخمة ، تحاول أن تظهر بمظر المثقفين ، لمحها أحياناً فى بعض مقاهى وسط البلد ، كل ما تعلمه عن فن الرواية ، هو أن عمارة يعقوبيان تتحدث عن الإنحدار الذى أصاب مصر فى سنواتها الأخيرة ، تصطحب معها طفلة صغيرة ، سبعة أعوام ، تحمل حقيبتها المملوئة بالكتب التى ستذهب إلى غرفة الكراكيب فى نهاية اليوم ، تبدو الطفلة أشبه ببطلة قصة يوسف إدريس ( نظرة ) لا تفتح فمها بأى شىء ، لدرجة أنه إعتقد فى بداية الأمر إصابتها بداء الخرس ، حاول أحياناً تبادل الحديث معها ولكنه لم يلبت وأن توقف فهى ترفض التجاوب معه على الإطلاق ، خيل إليه للحظات أنها عبارة عن إنسان ألى مبرمج فاقد للروح والحياة .

يتجه عمر يومياً إلى منطقة وسط البلد ، يقف أمام سينما كريم متسائلاً عن موعد إفتتاحها ، ثم يجلس فى أتوبيس هيئة النقل العام ، يركب معه فى معظم الأحيان شاب أصغر منه بعامين ، يجلس بجواره بأناقته الملفته للنظر و تبادلا السجائر ذات يوم ، وتعارفا فى يوم أخر ، لم يسأله عن وظيفته ، لمحه فى أحد المحلات يشترى كاب ظريف .

بعد عدة أسابيع إستمرت المرأة فى المجىء بحقيبتها الثقيلة ، ولكن تغير المرافق ، صار طفلاً صغيراً ، خطر فى ذهنه عدة إحتمالات كأن تكون الطفلة قد قتلت على يد المرأة أو فرت هاربة مستغله إستغراقها فى النوم ولعلها قامت بإجراء عملية تغيير لجنسها ، إبتسم عندما جاءه هذا الخاطر ، ذات يوم حاول سؤال المرأة ولكنها .. لم ترد عليه .

بعد زيارته لطبيب التخسيس الخاص به ، توجه عمر إلى أحد محلات المأكولات لتناول الطعام ، طلب طبق مكرونة وجلس ينتظر النادل مستغرقاً فى قراءة جريدة اليوم التالى ، لدرجة أنه لم يسمع صوت إرتطام الطبق بالمائدة ، سمع صوته من خلف الجريدة ( لو سمحت ) ، ألقى بالصفحة التى يمسك بها على المقعد المجاور له ، نظر أمامه ليجد راكب الأتوبيس ، لم يتحدثا هذه المرة ، تبادلا النظرات فقط ، أخذ يلتهم ما أمامه بسرعه ، محاولا تجنبه بأى شكل ، لم يمس زجاجة الشطه التى وضعها أمامه ، وعند دفعه للحساب تعمد ألا يمنحه بقشيشاً بالرغم من أنه معروف بكرمه المفرط .

بعد هذا اليوم ، حدثت تغيرات طفيفة ، فعمر لم يدخل المطعم مرة أخرى ، وقرر الركوب من موقف أحمد حلمى ، أما الشاب فقد إستغرب مدير المطعم رغبته فى النقل لفرع أخر ، كما علقت أسفل المكتبة لافته الموظف المثالى مزينة بإسم .... عمر .


الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

شارع 18 ـ كامب ـ ورقة شفرة



عدة أفلام تنهمر كالمطر على شاشات السينما فى هذا الموسم الذى يطلق عليه بعض السينمائيين إسم (موسم حرق الأفلام ) فبالنظر إلى السنوات السابقة نجد أن أغلب الأفلام التى تم عرضها تنقسم إلى نوعين ، أفلام تعانى من ضعف واضح فى أغلب العناصر مثل بحبك وبموت فيك للمخرج سيد عيسوى ـ بالعربى سندريلا إخراج كريم ضياء الدين ، وأفلام تمتاز بموضوعات مختلفة عن السائد مثل خريف أدم للمخرج د/ محمد كامل القليوبى ـ فرحان ملازم أدم للمخرج عمر عبد العزيز ، كما نلاحظ أن أغلب هذه الأعمال لم تحقق إيرادات كبيرة باستثناء فيلم إنت عمرى للمخرج خالد يوسف ، والذى إشترك فى بطولته نجوم يتمتعون بحضور ملحوظ مثل ( هانى سلامة ـ منة شلبى ـ نيللى كريم ) .
بالنظر إلى التجارب الثلاثة ، نلاحظ عدة أشياء ، فهناك تجربتين تعد كل منهما العمل الأول للمخرج ( شارع 18ـ كامب ) ، بالإضافة إلى أن كتاب سيناريو الأفلام الثلاثة يكتب بعضهم لأول مرة ( عمر شامة ) ، كما يمكننا بتأمل بسيط لتترات الأفلام ملاحظة سعى كل مخرج من الثلاثة للإستعانة ببعض الأسماء المعروفة من الممثلين ( سامى العدل / شارع 18 ، لطفى لبيب / كامب ، سمير غانم / ورقة شفرة ) للظهور فى أدوار صغيرة ، كما يقومون بالإستعانه ببعض الكفاءات المعروفة فى المجالات المختلفة مثل مدير التصوير محسن نصر ، بينما يتصدر الأفيشات مجموعة من الممثلين ، يؤدون أول تجاربهم التمثيلية مثل ( أيمن الرفاعى ـ عمر حسن يوسف ـ هشام ماجد ) .
الهدف الرئيسى من الأعمال الثلاثة هو شباك التذاكر ، كما أن الوصول إلى قمة الإيرادات لا يتطلب إتقان تام من العناصر المختلفة ، وإنما يتطلب قدرة من صناع الأفلام على فهم أليات السوق ، لعمل توليفة ناجحة ، وهو ما حاولت هذه الأفلام الوصول إليه فعلا .
تعتمد الأفلام الثلاثة على العديد من الكليشيهات التقليدية مثل العم ( سامح الصريطى ) الذى يرغب فى الإستيلاء على ميراث إبنة أخيه ( ميس حمدان ) فى فيلم شارع 18 ، حبيبة البطل التى تتعرض للإغتصاب بعد قيام أحد الأصدقاء بوضع مخدر داخل كوب العصير ، حديث ريم هلال عند سبب إدمانها وهو عمل والدتها كراقصة ( لاحظ أن الأحداث تدور عام 2007 وليست فى منتصف الخمسينيات ) وذلك فى فيلم كامب ، بينما يتحول الأبطال الثلاثة فى ورقة شفرة إلى أشخاص جيدين ، يرفضون بيع تراث بلدهم ، ويعود أحدهم إلى حبيبته التى تركها فى بداية الأحداث .
ثمة تأثر واضح كالشمس لدى مخرجى الأفلام الثلاثة بالسينما الأمريكية ، وهو ما يظهر بوضوح من خلال العديد من التفاصيل المختلفة مثل ( ملابس القاتل الغامض ـ تدخين ظابط الشرطة للسجائر بإفراط واضح فى فيلم شارع 18 ، سقوط الأمطار أثناء إرتكاب جرائم القتل فى فيلم كامب ) ، المشكلة ليست فى الإقتباس ، وإنما فى روح الهواية التى تفسد أى محاولة للمتعة وتتسبب فى إكتشاف زيف ما نشاهده ، بسبب التنفيذ الساذج لبعض المشاهد ، فإذا تأملنا مشهد قيام الأب ( سامى العدل ) بالجرى خلف إبنته داخل كوريدور الشقة أو مشهد زيارة أيه لمنزل عمتها والذى ينتهى بلقطة طويلة لخروج البطلة من المنزل في فيلم شارع 18 ستتساءل طويلا عن سبب اللقطة على الرغم من إنتهاء الحوار بينهما ، أما مخرج فيلم كامب ( عبد العزيز حشاد ) فركز إهتماماته على إختيار الزوايا الغريبة من أعلى سلم الفندق ، وحاول أن يزرع الخوف فى قلب المشاهد ، ولكنه يختار للفنانين ملابس تظل جافة بعد سقوط الأمطار الغزيرة عليها ، بينما يذكرنا أداء الممثلين بترديد تحية العلم فى طابور الصباح ، أما التجربة الثالثة ( ورقة شفرة / أمير رمسيس ) فبالرغم من طرافة الفكرة إلا أن المخرج يقع فى العديد من الأخطاء التى تفسد متعة المشاهدة ، مثل تنفيذه الضعيف لمشاهد الحركة ( المعركة الأولى فى الفيلم ـ المعركة بين الأبطال الثلاثة والعصابة فى نهاية الأحداث ) ، كما أنه لم يلاحظ أن ملامح الممثلين ( أشرف سرحان ـ على حسنين ) و المكان ( المكتبة ) فى مشاهد الفلاش باك لم تتغير عن مشاهد الحاضر ، وأعتقد أنه بمجرد إهتمامه بتنفيذ كادرات جيدة لشروق الشمس يكون قد أدى المطلوب منه كمخرج .
قد تنجح هذه الأعمال فى شباك التذاكر ، ولكن يبقى سؤال بسيط ، هل تعتبر هذه الأفلام خطوة بالنسبة لصناعها ، حتى يتمكنون من صنع تجارب أفضل ، أم أن كل فيلم يمثل غاية المراد بالنسبة لمخرجه ، لننتظر عاماً واحداً ، وستظهر الإجابة أمام أعيننا بكلمات كبيرة .

فخفخينو ... مرحباً بالأفلام العظيمة

تتسبب بعض الأعمال السينمائية فى إصابتنا بالإكتئاب إما بسبب قتامة أجوائها مثل فيلمى ( mystic river ـ million dollar baby) للمخرج كلينت إيستوود ، أو بسبب إرتفاع مستواها الفنى مثل فيلمى
( awakenings ) إخراج بينى مارشال وفيلم (About Schmidt ) للمخرج ألكسندر باين ، حيث يشعر المتلقى المثقف والدارس لفن السينما بإستحالة قيامه بصنع هذه الأعمال فى مصر لثلاثة أسباب ، الأول هو عدم مكوث هذه التجارب فى دور العرض السينمائى لأكثر من إسبوع ، أما الثانى فيرجع إلى تصاعد ضحكات الجمهور وإستهجانه أثناء متابعته للموضوعات المختلفة عن السائد ، بعكس حالة التصفيق التى عمت القاعة المعروض فيها فيلم (بوحة) عندما ألقى البطل موعظته الختامية داخل قاعة المحكمة ، أما السبب الثالث فهو تعمد كثير من السينمائيين سواء من الأكاديميين أو المتمرسين إحباط التجارب الشابة بعبارات من طراز ( لماذا قمت بكتابة هذا العمل ) وهى أراء تكشف عن رغبتهم الدفينة فى الإستحواذ على كل شىء ، كأن يتم إستضافة أحد السينمائيين المدعين فى برنامج تلفزيونى فيقترح على المعد أن يكون الناقد الفلانى هو الضيف المشارك معه فى الحلقة ، وبعد أشهر قليلة نتابع عملاً هلامياً للفنان الأكذوبة على شاشات السينما ليعتبره الناقد أحد أهم الأعمال فى تاريخ السينما المصرية ، ويشيد بالحس الجمالى الذى يفتقده المخرج وكاتب المقال معاً ، كما يشير إلى الوميض الإبداعي المنتشر بين ثنايا هذه الفيلم المشرف ، وقد يشطح به القول فيقارن بين أداء البطل ونجم السينما روبرت دى نيرو ، أو يعتبر عدم فوزه فى إحدى المهرجانات لهو عار على لجنة التحكيم ، بالرغم من عدم إشتراك العمل فى أى مسابقة محلية أو دوليه .
تجمعت فى ذاكرتى العبارات السابقة أثناء مشاهدتى لفيلم ( فخفخينو ) أخر أعمال المخرج إبراهيم عفيفى ، والذى يجمعه مع كاتبه المفضل ( أحمد عبد السلام ) للمرة الرابعة بعد أفلام ( الفرن ـ السيد قشطة ـ عزبة الصفيح ) وهى أعمال تمتلىء بالتوابل التجارية والذى يحرص عليها المخرج فى هذا الفيلم مخاطباً غرائز الجمهور منذ المشهد الأول عن طريق استعراضه لأجساد الزوجة اللعوب والخادمة والجارة عند ظهورهم على الشاشة .
ويحفل الشريط السينمائى بالعديد من الإخفاقات مثل بدء الأحداث بمشهد طويل تحلم فيه إحدى الشخصيات الثانوية الغير مؤثرة فى تطور الدراما ، وأن يدور جزء كبير من الأحداث داخل أحدى شركات الإنتاج دون أن نعرف أى معلومه عن نوع الأعمال التى تنتجها هذه الشركة ، أو رصد كاميرا ( سعيد شيمى ) للمايك الخاص بتسجيل الصوت فى أحد المشاهد التى تجمع بين السكرتيرة ومساعد رجل الأعمال ، بالإضافة إلى ظهور أفيش فيلم الغجر (لنفس المخرج) فى أحد اللقطات بالرغم من مشاركة أحد أبطاله ( شريف عبد المنعم ) بدور رئيسى داخل العمل ، وقيام البطل بتهنئة إبنته لمساعدته فى التخلص من زوجته بالرغم من تأكيدها على معرفته بعلاقاتها المشينة .
يتشابه فيلم فخفخينو مع الأفلام الأجنبية الواردة فى بداية المقالة فى نقطه واحدة وهى الكأبة المسيطرة عليه ، فالعمل يؤكد إلى عجز الحكومة عن منح الخريجين الشباب وظائف ملائمة لمؤهلاتهم الجامعية مما يضطرهم إلى الإتجاه إلى أعمال أقل إحتراماً للحصول على المال ، كما ينتهى بهروب رجل الأعمال الفاسد ( يوسف شعبان ) إلى خارج البلاد فى إشارة لإستحالة القضاء على الفساد ، أما الشاب الطموح ( أحمد جمال ) فيتزوج من إبنة تاجر المخدرات ويتستر على جرائمه مطبقاً مقولة الفنان تامر هجرس فى فيلم ( البلد دى فيها حكومة ) ( علشان توصل فى البلد دى .. لازم تدوس على كل الناس ) .
وتبقى فى النهاية الإشارة إلى نقطة هامه وهى ما سبب قيامى بكتابة هذه المقالة ، الإجابة ببساطة متناهية هى رغبتى فى توجيه قدر من النصح والإرشاد للموهوبين الجدد .. أمامكم المثال الحى للفيلم المصرى سريع الإنتاج والإستهلاك ، فإما أن تصنعوا مثله ، أو عليكم الإتجاه إلى النيل فهو بالقطع أرحم من الواقع السينمائى المنحدر من سيء .... إلى أسوأ .

الثلاثاء، 18 أغسطس 2009

النقد فى جريدة القاهرة

أولا أنا بشكر جدا الشخص اللى معرفوش وطالب بإضافتى فى موقع تدوينة دوت كوم ، وعشان أحاول أجرب نشر حاجة مختلفة ، فدى ورقة بحثية عن الناقد رفيق الصبان ، أتمنى رأيى يعجبكم حتى لو اختلفتم معايا

قراءة نقدية فى إسلوب الناقد رفيق الصبان
بالتطبيق على جريدة القاهرة فى الفترة من 1/7/2008 وحتى 31/12/2008
الأفلام التى تناولها الناقد فى تلك الفترة
الأفلام المصرية الروائية الطويلة :ـ
1 ـ الريس عمر حرب ، للمخرج خالد يوسف ، يرى أن الفيلم نقلة كبيرة فى سينما خالد يوسف و فى أبعادها الروحية تسير على نفس خطا العبقرى داوود عبد السيد فى فيلميه ( أرض الخوف ـ البحث عن سيد مرزوق ) .
2 ـ حسن و مرقص للمخرج رامى إمام ، يؤكد أن هذا العمل هو أحد أفضل الأعمال التى قام بكتابتها السيناريست ( يوسف معاطى)، و يشيد بأداء الممثل عزت أبو عوف لشخصية المسئول الأمني و يعتبر الدور أحد أجمل أدواره الأخيرة .
و يختلف معه الناقد عماد النويرى قائلا (1) ( في حسن ومرقص هناك الكثير من المواقف المصنوعة والدخيلة.. وقد تحول الفيلم في مشاهد كثيرة الى نوع من الخفة لم يكن مطلوبا أبداَ تحت اى مسمى ) .
3 ـ كابتن هيما للمخرج نصر محروس ، يشير إلى أن الفيلم عبارة عن قطع منفصلة لا يجمعها إلا كون تامر حسنى ( بطل الفيلم ) يقف بين منتصفها جامعاً بين أصابعة خيوطها ، وينصح البطل بتقديم فيلما يغنى فيه لمعجبيه و أن يترك السينما لأبطالها و أهلها طالما كان واثقاً من حب المعجبات له واسلوبه فى الغناء .
4ـ حلم العمر للمخرج وائل إحسان ، يشبه تعبيرات بطل الفيلم (حمادة هلال) فى مشاهد البكاء بتعبيرات البلياتشو الموجود فى السيرك و يستنكر فكرة بكاء الملاكم
5ـ بوشكاش للمخرج أحمد يسرى ، يؤكد أن البطل (محمد سعد) يرفض التنوع ، و يعتمد على الخط الضاحك الذى إبتدعه عندما قدم شخصية (اللمبى) ثم راح يكررها بعد ذلك مضيفا اليها قدراً كبيراً من الابتذال .
6ـ أسف على الإزعاج للمخرج خالد مرعى ، يصف مخرج الفيلم بأنه يبدو و كأنه مخرج مخضرم عاش منذ مائة عام ليقدم فيلما يمتزج إيقاعه المدهش مع إتقان خلق الأجواء على إختلافها بتفوق مشهود .
7 ـ إتش دبور للمخرج أحمد الجندى ، يشير إلى أن سيناريو الفيلم قد قام بتسطيح كل الأفكار التى يقوم بطرحها وأحالها إلى دعابات فجة ومواقف مفتعلة حاول (أحمد مكى) المسكين أن يعطيها مذاقاً أو روحاً خاصة .
8 ـ زى النهاردة للمخرج عمرو سلامة ، يرى أنه فيلم شباب ، جديد فى طموحه ، جديد فى اتجاهه ، جديد فى تحديه ، جاء بين أفلام العيد (المسلية) شهاباً نارياً يؤكد أنه لا مستحيل فى السينما المصرية .
9ـ بصرة للمخرج أحمد رشوان ، يرى أن المخرج هو واحد من المخرجين الشبان الذين ينتظرون دورهم للتعبير عن أنفسهم و سينماهم منذ أمد طويل ، ويؤكد على تميز عنصر المونتاج الذى إستطاع أن يمسك بدفة الإيقاع و يوازن بين حركة الأحداث و حركة الشخصيات مما يبشر لمونتيرة الفيلم بمستقبل مضمون .
10ـ رامى الإعتصامى للمخرج سامى رافع ، يصف الطريقة التى تتفاهم بها الدولة مع المعتصمين فى الفيلم بالسذاجة ، و يؤكد على إساءتها إلى ممثلى النظام الرسمى .
و يختلف الناقد إيهاب التركى مع هذا الرأى قائلاً (1)( لو بحثت الحكومة علي سيناريو فيلم شبابي يبيّض وجهها بصورة لا تبدو مباشرة ومتعمدة، ويبرر ويطبّل للحلول الأمنية القاسية مع المعارضين وشباب المدوّنين لن تجد أفضل من سيناريو فيلم «رامي الاعتصامي» الذي قام بدسّ رؤية سياسية فاسدة في قالب ثوري ظاهري ) .
كما جمع بين فيلمى حسن و مرقص وأسف على الإزعاج فى مقالة واحدة باعتبارهما أفضل أفلام موسم الصيف .
الأفلام الأجنبية :ـ
1ـ العودة إلى الوطن ( أسبانيا) ، يشير إلى أن مشهد عرض أزياء الغرقى فى السوق العامة لكى يتعرف الأهل على هويات أبنائهم المفقودين ، هو من أشد مشاهد هذا الفيلم تأثيراً و شاعرية و شجناً .
الأفلام العربية :ـ
1 ـ أيام الضجر للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد ، يرى أن الأطفال هم نواة الفيلم و نقطة إرتكازه الكبرى ، شهود على أحداث تمر من أمامهم .. يعيشونها بعفوية هائلة رغم خطورتها و كأنها جزء من لعبتهم القاسية الحنون .
و يختلف الناقد محمد رضا مع هذا الرأى قائلاً (2)( وغياب التلوين في الشخصيات الذي يجعلها جميعاً نسخاً متشابهة منطلٍ على الأولاد الأربعة. السؤال هنا: إذا كان الأولاد الأربعة سيضحكون معاً ويسيرون معاً ويبكون معاً ويُغشى عليهم معاً ويتكلمون معاً.... لماذا عدم الإكتفاء بواحد؟ طبعاً العددية هنا لها سبب وهذا السبب مقبول، لكن طلاءهم بذات التصرّف طوال الوقت لا ينتج عنه سوى الضجر فعلاً والكثير من اللا واقعية المعاكسة لموضوع يُراد أن يكون تسجيلاً لفترة ) .

المقالات التى تتحدث عن المهرجانات السينمائية :ـ
1ـ مهرجان الإسكندرية
يتحدث فى مقالة عن إيجابيات المهرجان ، مثل نجاح الندوات التى أقيمت على هامش المهرجان معتبراً ندوة تكريم المخرج يوسف شاهين والتى حضرها العديد من الممثلين مثل ( هانى سلامة ـ يسرا ـ محمود حميدة ـ لبلبة ـ خالد النبوى ـ يسرا اللوزى ) هى أحد أهم ندوات المهرجان .

المقالات التى تتحدث عن العاملين فى الحقل السينمائى :ـ
1ـ المخرج رامى عبد الجبار
حيث يشيد بالأفلام الأتية ( بيت من لحم ـ فلوس ميتة ـ جليد ـ رؤية شرعية ) ، و يعتبر أن فيلمه ( رمسيس ) هو تأمل عن زمن بعيد كانت فيه الأمال مزدهرة يافعة ، و كانت السماء تبدو أشد زرقة والشمس أكثر ضياء .


السمات الرئيسية لإسلوب الناقد
وهى سمات تمتد لتشمل كتاباته فى مختلف المطبوعات (كتب ـ جرائد ـ مجلات)
أ ـ التسرع فى إصدار الأحكام
فهو يشيد بالكاتب محمد أشرف فى العدد رقم ( 438 ) قائلا :ـ أنه قد وضع قدمة على السلم الحقيقى للإبداع ، ويرى أنه يدخل إلى عالم المسلسلات من بابها الملكى و ذلك فى العدد رقم ( 439 ) ، ولكنه يعطى وجهة نظر مختلفة فى العدد رقم ( 440 ) حيث يشير إلى أنه لم يصل إلى مرحلة العفوية والإقناع التى يتمتع بها الكتاب المتمرسون .
ويتكرر الأمر مع المخرج خالد يوسف و الذى يعتبره من أهم مخرجينا الشباب ومن أكثر سينمائينا الذين نعقد حولهم الأمال و ذلك فى مقالة عن فيلم (الريس عمر حرب) ، بالرغم من أنه قد سبق و أعتبره أحد المخرجين المنتمين للسينما التجارية ، ووصف مشاهد المطاردات فى فيلمه (خيانة مشروعة) (1) بأنها لا تستند إلى منطق أدبى أو فنى ، و أشار إلى أن كثرة الشخصيات فى فيلمه (ويجا) (2) قد حولت العمل إلى مسلسل تلفزيونى .
كما يمكن ملاحظة ذلك أيضا من خلال المقالة الخاصة بفيلم (كابتن هيما) والتى يؤكد فيها على تميز فيلم (حالة حب) للمخرج سعد هنداوى ، بالرغم من أنه قد سبق وأشار إلى وجود العديد من الثغرات الدرامية فى سيناريو هذا الفيلم قائلا (3) (سار السيناريو فى منحنيات صغيرة خرجت به عن سياقة الأصلى و أخذت المتفرج إلى فروع متداخلة لم يعرف السيناريو كيف يخرجه منها) .
كما يتضح الأمر عندما يعتبر أن فيلم ( كبارية ) (4) هو إنتصار للسينما الفقيرة أمام السينما الأخرى التى تجاوزت نفقاتها الأربعين مليوناً ويؤكد أن السيناريست أحمد عبد الله قد أبدع فى رسم شخصيات الفيلم ثم يعود ليشير إلى وجود العديد من العيوب فى هذا العمل وذلك فى العدد رقم (435 ) .
و لعل إعلانه عن إعجابه الشديد بعمل السيناريست أيمن بهجت قمر فى فيلم ( أسف على الإزعاج ) ، بالرغم من تأكيد الممثل محمد شرف (5) (أحد الأبطال) أن دوره لم يكن موجوداً فى سيناريو هذا الفيلم ، حيث أشار إلى أن الفنان ( أحمد حلمى) قد قام بإعطائه السيناريو الخاص بالفيلم ومعه ثلاثة ورقات إضافيه تحتوى على المشاهد الخاصة به فى هذا العمل ، لهو دليل على صحة ما ذكرناه بشأن تسرع هذا الناقد فى إصدار أحكام قاطعة على الأعمال الفنية سواء بالسلب أو الإيجاب .

1 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 351 ـ 352 ، السنة السابعة ، 9 يناير 2007 ، ص 13
2 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 302 ، السنة السادسة ، 24 يناير 2006 ، ص 12
3 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 241 ، السنة الخامسة ، 23 نوفمبر 2004 ، ص 14
4 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 426 ، السنة التاسعة ، 17 يونيو 2008 ، ص 14
5 ـ www.fonoonarabia.com
ب ـ التركيز على بطل الفيلم
فهو يقدم مقدمة طويلة عن الممثل (أحمد مكى) بطل فيلم ( إتش دبور) يتحدث فيها عن تميز أفلامه القصيرة التى قام بإخراجها أثناء دراسته بالمعهد العالى للسينما وذلك فى العدد رقم ( 436 ) .
وهو ما يتكرر فى مقاله عن فيلم ( حسن و مرقص ) والتى يؤكد فيها أن عادل إمام أصبح مدرسة فنية كبرى قائمة بذاتها أعطت للكوميديا السينمائية المصرية ما لم يعطه فنان قبله ، ويختتم المقالة بقوله ( السينما المصرية تعتز بك يا عادل إمام و نحن كلنا نعتز بأننا عشنا فى زمنك ) .
كما يصف الممثل أحمد حلمى فى مقاله عن فيلم (أسف على الإزعاج) بأنه قد تجاوز المخرج و الممثل الشهير وودى الان ، ووصل إلى ضفاف شارلى شابلن فى أفلامه الأخيرة ، و يؤكد الصحفى محمود مسعود (1) بأنه هذا الرأى هو ( قرار ينم على قصور فى عملية التطبيقات النقدية ، و ضيق أفق فى تناول الظواهر الفنية ) .
ج ـ الإشادة بالأعمال التى تحتوى على أفكار متحررة
حيث يشيد بشخصية ( زينة ) التى قامت بأدائها الممثلة (غادة عبد الرازق) فى فيلم (الريس عمر حرب) قائلا ( إنها تمثل أماً تبحث عن متعتها بصراحة و جرأة غير معتادة ) ، و يصف شخصية (هند) مصممة العرائس فى فيلم بصرة للمخرج أحمد رشوان بأنها فتاه عصرية واثقة من نفسها مبرراً ذلك بقيامها باحتساء الخمر و ذلك فى العدد رقم (450) ، وهو ما تكرر فى مقال سابق عن فيلم (لعبة الحب) للمخرج محمد على (2)حيث يرى أن المجتمع الذى يقدمه الفيلم مجتمع حضارى مبررا ذلك بعدم وجود أية سيدة محجبة فى النصف الأول من الفيلم بالإضافة إلى قيام الأبطال باحتساء الخمور
، و يضع عناوين لبعض مقالاته تتعلق بهذا الأمر مثل ( فيلم يجمع بين الرومانسية و الجنس و العقلانية (3) ـ القمار والخمر والجنس فى حياة أسمهان (4) ) ، و يشيد بجرأة المخرج خالد يوسف (5) فى تقديم المشاهد الجنسية فى فيلم ( ويجا ) .

1 ـ www.cinematechhaddad.com
2 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 343 ، السنة السابعة ، 7 نوفمبر 2006 ، ص 14
3 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 418 ، السنة الثامنة ، 22 إبريل 2008 ، ص 12
4 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة الخميس ، العدد 194 ، 2 أكتوبر 2008 ، ص 9
5 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 302 ، ص 14 ، مصدر سابق

كما يركز أثناء حديثة عن قصة فيلم بيت من لحم للمخرج رامى عبد الجبار على وصف المشاهد الجنسية قائلاً ( وفى الليلة الأولى تستمع الفتيات الثلاث فى البيت الضيق الرفيع الجدران إلى تأوهات الأم التى عادت الحياة إليها ودبت النشوة فى جسدها بعد أن روت ظمأها الجسدى ) وذلك فى العدد رقم ( 447 ) .
و يرى أن مسلسل (أناشيد المطر) والذى يدور حول شاب أقام علاقات غير شرعية مع نساء متزوجات ، قد قال ما لم تستطع كل مسلسلات رمضان أن تقوله بناء و موضوعاً و رقة وشفافية و أداء وذلك فى العدد رقم ( 422 ) .
وهذه الأراء إنما تمتد إلى مطبوعات أخرى فهو يصف الجنس عند الكاتب محسن زايد بأنه (1) ( يشبه زهرة وحشية نادرة الجمال تجذبك إليها لتحيك بعد ذلك فى زخم رائحتها التى لا تقاوم ، والتى تحمل فى طياتها السم و الموت ) .
ويتحدث عن دور الرقابة فى فيلم (Quantum of Solace ) للمخرج مارك فورستر قائلاً (2) ( وقد حرمتنا الرقابة من المشهد الجنسى الوحيد الذى يحتويه الفيلم وتركتنا على جوعنا ) ، و يشيد بشخصيات فيلم (mama mia ) والتى يجمع بينها حب الحياة والجنس الذى يقدمه الفيلم على حد قوله (3) ( صريحاً حراً دون حواجز ) .
د ـ إستخدام المصطلحات الرنانة ضمن كتاباته
حيث تكثر التشبيهات ضمن مقالاته فهو يشبه طريقة سير الفنانة ( منة شلبى ) بالغزال البرى وذلك ضمن مقاله عن فيلم ( أسف على الإزعاج ) ، ويرى أن الممثل محمد شرف يستحق جائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن دورة فى نفس الفيلم مشيراً إلى أن الكلمات تسيل من فمه نهراً من العسل ، و يتحدث عن فيلم حسن و مرقص قائلا (وها هو عادل إمام يعود إلينا قبل أن نلتقط أنفاسنا ليفجر أمامنا هذا الشهاب السينمائي الذي أضاء سماءنا السينمائية وملأها نورا في فيلم لا حد لذكائه وشفافيته وتأثيره وتسلله إلي شراييننا ممسكا بكرة من لهب تتلاعب بها أصابعه الواعية بذكاء وحرفية تثير الدهشة والإعجاب ) وذلك فى العدد رقم ( 430 ) .

1 ـ أيمن الحكيم ، زمن محسن زايد ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، سلسلة أفاق السينما ، القاهرة ، مصر ، يوليو 2003 ، ص9
2 ـ د/رفيق الصبان ، مجلة أخبار النجوم ، العدد 845 ، مؤسسة أخبار اليوم ، القاهرة ، مصر ، 11 ديسمبر 2008 ، ص 46
3 ـ د/رفيق الصبان ، مجلة أخبار النجوم ، العدد 840 ، مؤسسة أخبار اليوم ، القاهرة ، مصر ، 6نوفمبر 2008 ، ص 48
ويشيد بأداء الفنان خالد صالح فى فيلم ( الريس عمر حرب ) قائلا ( إنه يوقع بهذا الفيلم شهادة وصوله إلي مرتبة النجم الكبير الذي يمكنه بموهبته أن يفتح كل الأبواب المغلقة في وجهه، وأن يجسد جميع الشخصيات التي توضع أمامه بيسر وعفوية) وذلك فى العدد رقم ( 428 ) .
ويصف فيلم بصرة بأنه عبارة عن ( باب فضى فتح على مصراعيه لاتجاه سينمائي جديد يقوده شبان يعرفون تماما ماذا يريدون ) وذلك فى العدد رقم ( 450 ) .
و يختتم مقاله عن فيلم أيام الضجر بقوله ( الفيلم يدخل إلى رئتك كالهواء النقى ليخرجك من الإختناق القاتل الذى تعيش فيه ، فهو وثيقة شعرية نادرة فى تاريخ سينمانا الحديثة ) وذلك فى العدد رقم ( 448 ) .
و يشبه (الموت) فى عين المخرج رامى عبد الجبار بأنه عبارة عن ( سوسنة صفراء يلقيها فى مهب ريح عذبة تنقلك إلى دنيا أخرى و تطوف بك بين سحاب شفاف ملىء بقطرات مطر لا تهطل ) وذلك فى العدد رقم ( 447 ) .
و يؤكد أن فيلم ( رامى الإعتصامى ) قد أضاع هدفة و أضاع ممثلة و أضاع إتجاهاً خاصاً فى الكوميديا المصرية وأغلق أمامها الأبواب تماماً وذلك فى العدد رقم ( 451 ) .
ويصف سيناريو فيلم ( ثلج فوق صدور ساخنة ) بأنه (1) ( يقدم لنا كيف يسرى الدم فى عروق الجسد .. فيتحرك و ينطلق و يدور دورات لا تنتهى مليئة بالعطاء و الخصب و الإمكانات) ، و يبدأ إحدى مقالاته عن الفنانة (سعاد حسنى) بقوله (2) ( الفراشة الزرقاء .. زهرة السوسن المشرقة ..عباد الشمس ذات العنق الطويل .. باب الجنحة المسحور الذى تفتحه ذراع حارة بضة ) .
و يصف أداء الفنانة نجلاء فتحى فى فيلم ( سنة أولى حب ) بأنها (3) نسمة ربيعية حارة فيها الحزن الدفين و فيها رعشة الفرح ، ويشيد بعمل المخرج يوسف شاهين فى فيلم حدوتة مصرية قائلاً (4) ( شاهين فى الحدوتة .. زخرف بماء الفضة و الذهب كل ما بناه فى حياته السينمائية .. لون العيون .. وكحل الأهداب .. و أطال الأنامل .. ثم رشق وردة حمراء بالخصر ) .

1 ـ د/ مدكور ثابت ، ثلج فوق صدور ساخنة ، ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، مصر ، 1997، ص 390
2 ـ د/رفيق الصبان ، أضواء على الماضى ( إنطباعات نقدية سينمائية ) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، مصر ، 2001، ص 138
3 ـ د/رفيق الصبان ، المصدر نفسة ، ص 21
4 ـ د/رفيق الصبان ، الظلال الحية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، مصر ، 2000، ص 208

و يتحدث عن الكاتب محسن زايد قائلاً (1) ( محسن زايد ولد جريئاً مقتحماً ، لا يهاب النور الأحمر ، و يطلق نظراته الصادرة من أعماقة التى هى مزيج من الحسية و المنطق و الشعر المجرد و الصوفية الكامنة ) ، و يصف قصة فيلم ( فجر الإسلام ) قائلاً (2) ( إنها تريد أن تعبر كيف تتغلغل الفكرة الدينية الصافية فى النفوس .. كما يفعل خيط الماء فى صخر الجلمود .. وكيف تبدأ عملية التفتيت البطيئة حتى تنهار الصخرة الضخمة و تصبح حجراً صغيراً )
و يعلن إعجابه بعمل مدير التصوير عبد العزيز فهمى فى فيلم (زوجتي والكلب) للمخرج سعيد مرزوق قائلاً (3) ( إنه إستطاع أن يجعل من كاميراه ريشة شاعر ، تضع نقاط النور والظل بحساسية لاحد لها ) ، و يشير إلى تميز المخرج محمد راضى فى فيلم ( موعد مع الرئيس ) قائلاً (4) ( أمسك بين أصابعه بالجرم السياسى مشيراً إليه و مركزاً على الصديد الذى ينبعث منه ) .
و يصف رسالة الدكتوراة الخاصة بالباحث ( محسن أحمد محمد ) (5) بأنها عبارة عن ( كلمات تنطق بالدم الثائر ) ، و يبدأ كتابه عن المخرج حسين كمال بقوله(6)(الكلام عن حسين كمال أشبه ما يكون بالغوص إلى أعماق بحر ملىء بالأسماك الملونة و الأصداف التى تخفى فى جوفها اللألىء أو الأحجار المنقوشة) .
و يتحدث عن فيلم (الشيطان يعظ) قائلاً (7) (أشرف فهمى كان شاعرا من شعراء القسوة ..أعطى فيلمة فى جزئه الأول تفاصيل المنمنمات الشرقية .. جعله يدور فى بيوت ذات مشربيات خشبية .. و أدراج منحنية يتسلق الطموح الشاب على فضائها و تموت على أدراجها المحطمة الأمانى الحلوة التى لم تتحقق ) .
و يرى أن شخصيات الضباط فى فيلم ( إسكندرية ليه ) للمخرج يوسف شاهين (8) ( يحاولون على طريقتهم قتل رأس الأفعى .. و يمدون أصابعهم العشرة للإمساك بقرص الشمس ) .

1 ـ أيمن الحكيم ، زمن محسن زايد ، مصدر سابق ، ص9
2 ـ أحمد يوسف ، صلاح أبو سيف و النقاد ( أربعون فيلماً تؤرخ للسينما المصرية ) ، أبوللو للنشر و التوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1992، ص 385
3 ـ د/ ناجى فوزى ، قراءات خاصة فى مرئيات السينما المصرية ، وزارة الثقافة ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، مصر ، 2002، ص 161
4 ـ محمود على ، محمد راضى .. فارس من زمن الصمت ، وزارة الثقافة ، صندوق التنمية الثقافية ، القاهرة ، مصر ، 2005، ص 102
5 ـ د/رفيق الصبان ، لجنة المناقشة و الحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة من الباحث محسن أحمد محمد بعنوان ( الأثر الدرامى لمصادر الإضاءة الطبيعية و الصناعية ذات الكم المنخفض على جماليات الصورة ) ( القاهرة : المعهد العالى للسينما ، 17 نوفمبر 2008 )
6 ـ د/رفيق الصبان ، حسين كمال .. عاشق المستحيل ( منه و عليه ) ، وزارة الثقافة ، صندوق التنمية الثقافية ، القاهرة ، مصر ، 1997، ص 5
7 ـ د/رفيق الصبان ، الظلال الحية ، مصدر سابق ، ص 208
8 ـ سامى السلامونى ، كاميرا79 ، الكتاب الثانى ( كتاب غير دورى) ، يناير 1979 ، القاهرة ، مصر ، ص 32
وجهة النظر

1ـ تغيب الموضوعية فى كتابات هذا الناقد فالأعمال التى يشيد بها لا تحتوى على أى أخطاء ، بينما الأعمال التى يشير إلى رداءتها تحتوى على حسنات ضئيلة ، بالرغم من أن فيلمين من الأعمال التى أشاد بها (الريس عمر حرب ـ أسف على الإزعاج) تحتوى على مشاهد منقولة من أفلام أجنبية شهيرة مثل( كازينو للمخرج مارتن سكورسيزى ـ العقل الجميل للمخرج رون هاورد) وينطبق هذا على مقالاته عن المسلسلات التلفزيونية حيث يشيد بمسلسل ( ظل المحارب) للمخرج نادر جلال دون أن يذكر قيام كاتب السيناريو ( بشير الديك ) باقتباس العمل من فيلمى (kagemusha ) للمخرج أكيرا كوروساوا و(dave) للمخرج إيفان ريتمان ، والذى رشح لجائزة الأوسكار كأفضل سيناريو عام 1994.
2ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن فيلم ( أسف على الإزعاج ) عندما ينسب للفنانة دلال عبد العزيز بطولة فيلم ( أحلام البنات ) ، فالفيلم الذى قامت ببطولته يحمل إسم ( أسرار البنات ) وهو من إخراج ( مجدى أحمد على ) .
3ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن فيلم ( زى النهاردة ) عندما يؤكد أن البطل ( أحمد الفيشاوى ) يعمل ممثلاً مشهوراً بالرغم من أنه قد قام بأداء أول أدواره السينمائية ضمن أحداث الفيلم ، كما يؤكد أن تاريخ وفاة حبيب البطلة هو يوم 6 أكتوبر بالرغم من أن التاريخ هو 24 ديسمبر .
4ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن فيلم ( إتش دبور ) للمخرج أحمد الجندى عندما ينسب مهمة مساعدة البطل إلى شخص يعمل كمخرج فاشل و بائع سيديهات ، بالرغم من أن الشخصية التى أداها الممثل (محمد عبد المعطى) هى رجل يمتلك محل لتأجير شرائط الفيديو أصابته لوثه عقليه بعد كساد هذه التجارة .
5ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن المخرج (رامى عبد الجبار) عندما ينسب إليه إخراج فيلم بعنوان ( رؤية شرقية ) بالرغم من أن الفيلم يحمل إسم ( رؤية شرعية) .
6ـ يخلط الناقد فى مقالة عن فيلم ( حلم العمر) بين شركتى (السبكى للإنتاج السينمائى) و ( أفلام كريم السبكى للإنتاج السينمائى ) حيث ينسب للشركة الأولى القيام بإنتاج فيلم ( كبارية) للمخرج سامح عبد العزيز بالرغم من أنه من إنتاج الشركة الثانية.
7 ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن فيلم ( الريس عمر حرب ) عندما ينسب للسيناريست ( هانى فوزى ) القيام بتحويل رواية الكاتب جورج أمادو ( الرجل الذى مات مرتين ) إلى فيلم سينمائى مصرى ، بالرغم من أن السيناريست مصطفى ذكرى هو من قام بتحويل الرواية إلى فيلم يحمل إسم ( جنة الشياطين ) من إخراج أسامة فوزى .
8ـ يناقض الناقد نفسة فى مقالة عن مسلسل ( أسمهان ) حيث يستنكر قيام أسرة العمل بنسب لحن أغنية (يا ريتنى طير) لغير المطرب فريد الأطرش وهو شخص يحمل إسم (اللبابيدى) ، ثم يؤكد أن المطرب قد غنى ثلاث أغانى من ألحان غيرة وذكر منهم أغنية (يا ريتنى طير) ، والصواب أن الأغنية من ألحان الملحن الفلسطينى (1) (يحيى اللبابيدى) حيث تم تقديمها عام 1937 .

1 ـ د/ زين نصار ، موسوعة الموسيقى و الغناء فى مصر فى القرن العشرين : الجزء الثانى ( الملحنون ) ، دار غريب للطباعة و النشر ، القاهرة ، مصر ، 2003، ص 43 ــ 44
9 ـ يخطئ الناقد فى مقالة عن فيلم ( رامى الإعتصامى ) عندما يؤكد على قيام البطل برئاسة جماعة تطالب بتغيير النشيد المصرى والعالم ، بالرغم من أن البطل قد قام بإنشاء جروب على موقع الفيس بوك يطالب فيه بتغيير النشيد ثم قام بعمل إعتصام أمام مبنى رئاسة الوزراء لكى يلفت نظر حبيبته ، وعندما لم يجد شيئاً قيماً يطالب به الحكومة أخبرهم بأنه يرغب فى تغيير لون علم مصر .
و من الواضح أن هذه الأخطاء إنما تمتد لتشمل مطبوعات أخرى و أعداد تنتمى إلى سنوات سابقة من جريدة القاهرة
فهو يعتبر المخرج ( ستيفين سودربرج ) من مخرجى الأفلام التجارية المحضة (1) بالرغم من ترشيحه عام 2001 لجائزتى أوسكار أفضل إخراج عن فيلمى ( traffic ـ ( Erin Brokovichو حصوله على الجائزة عن فيلم traffic
و يؤكد أن الممثلة تيلدا سوينتون قد حصلت على جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة (2)العام الماضى بالرغم من أنها لم تكن مرشحة لأى جائزة أوسكار فى هذه السنة ، بينما حصلت على جائزة الأوسكار هذا العام عن دورها فى فيلم / مايكل كلايتون ، ويشير إلى أن دور الفنان ( براد بيت ) فى فيلم (burn after reading ) و الذى قام بإخراجه الأخوان كوين (3) قد يقوده للحصول على جائزة الأوسكار مرة أخرى ، بالرغم من أن هذا الممثل لم يحصل حتى الأن على أى جائزة أوسكار .
و يطلق على بطل فيلمه (قطة على نار) إسم ( رياض) (4) بالرغم من اسمه فى الفيلم هو ( أمين ) وذلك أثناء حديثة عن أبطال أعمال المخرج سمير سيف .
و يؤكد أن بطل فيلم (دائرة الأنتقام) يحمل إسم ( صابر) (5) بالرغم من اسمه فى الفيلم هو ( جابر ) وذلك أثناء حديثة عن فيلم (دائرة الأنتقام) .
و يشير إلى أن شخصية رجل الأعمال فى فيلم (أهل القمة) تحمل إسم (زغلول شكرى) (6) بالرغم من أن إسم الشخصية هو (زغلول رأفت) ، ويؤكد أن شخصية ظابط الشرطة فى نفس الفيلم تحمل إسم (أحمد فوزى) بالرغم من أن إسم الشخصية هو ( محمد فوزى ) .
و يؤكد أن فيلم (خيانة مشروعة) هو رابع أعمال المخرج خالد يوسف (7) ، بعد أن قدم أفلام (العاصفة ـ جواز بقرار جمهورى ـ ويجا) بالرغم من أنه خامس أعمالة حيث تجاهل فيلمه (إنت عمرى) والذى عرض عام 2005 .

1 ـ 3 ـ د/رفيق الصبان ، مجلة أخبار النجوم ، العدد 779 ، مؤسسة أخبار اليوم ، القاهرة ، مصر ، 8 سبتمبر 2007 ، ص 42
2 ـ د/رفيق الصبان ، مجلة أخبار النجوم ، العدد 839 ، مؤسسة أخبار اليوم ، القاهرة ، مصر ، 30 أكتوبر 2008 ، ص 48
3 ـ د/رفيق الصبان ، مجلة أخبار النجوم ، العدد 839، مصدر سابق ، ص 48
4 ـ د/رفيق الصبان ، أضواء على السينما المعاصرة (إنطباعات نقدية سينمائية ) ، مصدر سابق ، ص 32
5 ـ د/رفيق الصبان ، الظلال الحية ، مصدر سابق ، ص 106 ـ 107
6 ـ د/رفيق الصبان ، الظلال الحية ، مصدر سابق ، ص 18
7 ـ د/رفيق الصبان ، جريدة القاهرة ، العدد 351 ـ 352 ، مصدر سابق ، ص 13
المراجع
أولاً ـ الكتب
1 ـ أيمن الحكيم ، زمن محسن زايد ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، سلسلة أفاق السينما ، القاهرة ، مصر ، يوليو 2003
2 ـ د/ مدكور ثابت ، ثلج فوق صدور ساخنة ، ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، مصر ، 1997
3 ـ د/رفيق الصبان ، أضواء على الماضى ( إنطباعات نقدية سينمائية ) ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، مصر ، 2001
4 ـ د/رفيق الصبان ، الظلال الحية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، مصر ، 2000
5 ـ أحمد يوسف ، صلاح أبو سيف و النقاد ( أربعون فيلماً تؤرخ للسينما المصرية ) ، أبوللو للنشر و التوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1992
6 ـ د/ ناجى فوزى ، قراءات خاصة فى مرئيات السينما المصرية ، وزارة الثقافة ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، مصر ، 2002
7 ـ محمود على ، محمد راضى .. فارس من زمن الصمت ، وزارة الثقافة ، صندوق التنمية الثقافية ، القاهرة ، مصر ، 2005
8 ـ د/رفيق الصبان ، حسين كمال .. عاشق المستحيل ( منه و عليه ) ، وزارة الثقافة ، صندوق التنمية الثقافية ، القاهرة ، مصر ، 1997
9 ـ سامى السلامونى ، كاميرا79 ، الكتاب الثانى ( كتاب غير دورى) ، القاهرة ، مصر، يناير 1979
10 ـ د/ زين نصار ، موسوعة الموسيقى و الغناء فى مصر فى القرن العشرين : الجزء الثانى(الملحنون) ، دار غريب للطباعة و النشر ، القاهرة ، مصر ، 2003
ثانياً ـ الدوريات
1ـ الأعداد رقم (241 ،302 ، 343 ، 351ـ 352 ، 418 ، 426) من جريدة القاهرة .
2 ـ الأعداد رقم (779 ، 839 ، 840 ، 845 ) من مجلة أخبار النجوم
3 ـ العدد رقم 540 من جريدة الدستور ، الإصدار الثانى ، بتاريخ 16 ديسمبر 2008
4 ـ العدد رقم ( 194 ) من جريدة الخميس
ثالثاً ـ مواقع الإنترنت
1 ـ cinemaalyoum.blogspot.com
2 ـ shadowsandphantoms.blogspot.com
3 ـ www.fonoonarabia.com
4 ـ www.cinematechhaddad.com

هذا بالإضافة إلى مقتطفات من تعليق الناقد د/ رفيق الصبان أثناء لجنة المناقشة و الحكم على رسالة الدكتوراة المقدمة من الباحث محسن أحمد محمد بعنوان ( الأثر الدرامى لمصادر الإضاءة الطبيعية و الصناعية ذات الكم المنخفض على جماليات الصورة ) ( القاهرة : المعهد العالى للسينما ، 17 نوفمبر 2008 ) .

السبت، 1 أغسطس 2009

حسن و مرقص ... توتر ما قبل العاصفة



فى أحد مشاهد فيلم ( للحب قصة أخيرة ) يصور المخرج ( رأفت الميهى ) جنازة شخصية قبطية ، ويركز فى إحدى اللقطات على مسجد وكنيسة متجاوران ، وفى فيلم حسن ومرقص 2008 للمخرج رامى إمام ، نجد التركيز على متانة العلاقة بين طرفى الأمة بشكل بصرى من خلال إنتقالة سينمائية من أيدى جرجس وفاطمة ( محمد إمام ـ شيرين عادل ) إلى لقطة ليد بولس ومحمود ( عادل إمام ـ عمر الشريف ) ، وهى إنتقالة موجودة فى السيناريو الخاص بالفيلم والذى نشر فى كتاب مؤخراً .
ثمة ملاحظة خاصة بفيلم حسن ومرقص هى أن أغلب مشاهدة إنما يسيطر عليها أنواع مختلفة من التوتر ، ففى بعض المشاهد تحدث مواجهات بين بطلى الفيلم وقوى متغيرة ، أحياناً تتبع السلطة المتمثلة فى اللواء ( عزت أبو عوف ) والذى يغير من شخصية كل منهما ، مروراً بالشرطة التى تلقى القبض على بولس و محمود داخل المخبز الخاص بهما .
وفى مشاهد أخرى يبدأ المشهد هادئاً ثم يتحول بدخول شخصية أخرى ، أو بمجرد قيام أحد الأشخاص بالحديث عن موضوع معين ، ففى أحد المشاهد يتناول محمود طعام الإفطار مع أفراد أسرته ، ثم يدخل بولس وويليام الذى يعرض عليه إيجاد شريك له فى مشروعه الخاص به ، وفى مشهد أخر يستقبل محمود كل من جورج وهانى ( يوسف داود ـ إدوارد ) ويقتصر الحوار فى البداية على التحيات المعتادة إلى أن يعرض جورج على محمود أن يرتبط هانى بإبنته ، فيثور محمود ليخرج الإثنان من المنزل وقد شعرا بالإهانة الشديدة .
بل أن التوتر يأتى فى مواضع أخرى من الفيلم بغرض التمهيد لقصة الحب مثل إصطدام جرجس بالباب فور رؤيته لفاطمة ، أو فرملة الأتوبيس الذى يستقلانه فى طريقهما إلى الجامعة ، كما يظهر بشكل واضح فى ذلك الخط الثانوى الذى يدور حول قصة حب تجمع بين شاب مسلم وفتاة مسيحية ليحدث جرجس زميلة أثناء وجودهما فى المعمل عن عواقب هذا الأمر قائلاً (المسيحيين هيقلبوا الدنيا ) وتتضح الصورة الكوميدية لفكرة عدم الإطمئنان فى كثير من المشاهد مثل دخول صاحب المنزل 
( حسن مصطفى ) إلى شقة بولس ، ليدعوه لأداء الصلاة فى الجامع ، و قيام جرجس بإدعاء إصابته بغيبوبة ، ليحدثة والدة عن أداء المسلمين لخمس صلوات ، فى إشارة إلى ضرورة إعتياده على هذا الإزعاج الذى سيستمر لفترة ليست بالقصيرة ، أو ذلك المشهد الذى يتلو فيه بولس بعض الترانيم الدينية قبل دخول محمود مما يجعله يدعى أنه إنتهى للتو من أداء فريضة الصلاة.
ونحن نلاحظ إرتباط ظهور شخصية اللواء ( عزت أبو عوف ) بالحوادث سواء كانت تخص بطلى الفيلم مثل ( إحراق المتجر الخاص بمحمود ـ تفجير سيارة بولس ) ، أو كانت حوادث عامة مثل (مجموعة التفجيرات المصاحبة لمكالمة بولس من مكتب ظابط المباحث ـ وجود قنبلة تستعد للإنفجار داخل إحدى محطات مترو الأنفاق ) بل أن المكالمة التليفونية الثالثة تحدث أثناء مشاجرة بينه وبين زوجته /هالة فاخر ، ( دارت تلك المكالمة فى السيناريو الأصلى أثناء مرور موكب يتبع شخصية سياسية هامة ) ، كما أن هذه المكالمات تبدأ بصياح شديد من العسكرى وهو ما يصيب اللواء بحالة من الغضب .
كل هذه الإشارات سواء عن طريق الصورة أو الحوار تقود الأحداث إلى الصيغة المباشرة فى المشاهد الأخيرة من خلال خطب رجال الدين المتعصبين ، مع الإختيار المقصود لمكان إنتقال أبطال الفيلم 

( محافظة الإسكندرية ) ، ليحدث الإنفجار الناتج عن كل هذا التوتر الذى يسيطر على الأحداث والشخصيات التى تتحرك من أقصى الشمال إلى جنوب مصر ( المنيا ) ، مروراً بالحى الذى يعيش فيه الأبطال والذى نستنتجه من لقطة مكبرة لكلمة ( شبرا ) الموجودة على لوحة معدنية بأحد الأتوبيسات التابعة لهيئة النقل العام .

Pirates of the Caribbean: At World's End

انتشرت داخل هوليوود فى الأونة الأخيرة ظاهرة الأفلام ذات الثلاثة أجزاء فقد استقبلنا منذ عدة سنوات الجزء الثالث والأخير من ثلاثية مملكة الخواتم للمخرج الشهير بيتر جاكسون والذى عرض باسم (The Lord of the Rings: The Return of the King) وحصد عدة جوائز أوسكار من بينها أحسن فيلم ، وأحسن إخراج ، وأحسن سيناريو مأخوذ عن نص أدبى ، ومنذ أسابيع قليلة عرض فى مصر أحدث أفلام سلسلة هارى بوتر (Harry Potter and the Half-Blood Prince ) ، كما عرض خارج المسابقة الرسمية فى مهرجان كان السينمائى الدولى عام 2007 فيلم (oceans_thirteen ) من اخراج ستيفن سودبرج ( الحاصل على جائزة الأوسكار) وبطولة نخبة من النجوم أمثال( جورج كلونى ومات ديمون وبراد بيت وأندى جارسيا ) .
ويعتبر فيلم ( Pirates of the Caribbean: At World's End)هو الجزء الثالث من سلسلة ( قراصنة الكاريبى ) والتى يقوم بأداء الدور الرئيسى فيها النجم الشهير ( جونى ديب ).
أما بالنسبة لمتابعى سلسلة ( قراصنة الكاريبى ) فان حالة الاستمتاع التى سيطرت عليهم فور مشاهدتهم للجزء الأول والتى تضاءلت مع ظهور الجزء الثانى ستختفى تماما فور مشاهدتهم للجزء الثالث ، فالإبهار البصرى هو العنصر الوحيد الذى يدفع المشاهد لاستكمال الأحداث وذلك بالإضافة إلى كاريزما بطل الفيلم ( جونى ديب ) .
يبدأ الفيلم بمشهد متميز يصور عملية إعدام لمجموعة من الأشخاص قاموا بمساعدة بعض القراصنة قبل أن يقوم أحد الأطفال بأداء أغنية ذات دلالة خاصة ( معلنا عن ضرورة عقد اجتماع بين كبار القراصنة ) .
لتتفرع الأحداث وسط سعى ويل ترنر (أورلاندو بلوم) لإنقاذ والده والحفاظ على حبيبته قبل أن يضطر فى النهاية الى التضحية بها ورغبة المجموعة في إعادة القرصان جاك سبارو إلى الحياة مرة أخرى ومحاولة القراصنة الاتحاد ضد عدوهم المشترك تلك الخطوط تبدو براقة على مستوى الشكل ، ولكن السيناريو يقوم بمط الأحداث ليهبط الإيقاع طيلة النصف الأول من الفيلم حيث يستغرق الفيلم 45 دقيقة فى مشاهد ومعارك مطولة قبل ظهور البطل(جاك سبارو).
وعلى جانب أخر فان الفيلم يحتوى على العديد من التفاصيل الطريفة مثل العلاقة الثنائية بين جاك سبارو ( جونى ديب ) و بارباروسا ( جيفرى رش ) الأشبة بعلاقة القط و الفار حيث يرغب بارباروسا فى أن يكون له حق قيادة المجموعة على حساب جاك سبارو ولكن سبارو دائما ما يهزمه ، فعلى سبيل المثال يخرج بارباروسا فى أحد المشاهد منظار كبير لمراقبة الطريق وينظر لسبارو الذى يحمل منظار أصغر حجما ساخرا فى المرة الأول ليصبح قائد السفينة ، قبل أن يباغته جاك فى مشهد لاحق عندما يخرج منظارا أكبر من منظار بارباروسا لتعود القيادة اليه مرة أخرى .
نفس الوضع يتكرر فى نهاية الفيلم عندما يهرب بارابوسا عن طريق السفينة ويطلب منه الركاب إثبات أنه الأحق بقيادتهم فيخرج لهم الدليل ولكنه يفاجا بأنه ممزق لينتقل المونتاج إلى جاك سبارو الذى يحمل الجزء المتبقى من الدليل ويتجه إلى السفينة مستقلا مركبه الصغير.
وبالنسبة للعناصر الأخرى فالملفت للنظر هو عدم ابتكار واضع الموسيقى التصويرية الشهير( هانز زيمر ) لجمل لحنية جديدة مستهلكا نفس التيمات الموسيقية الخاصة بالجزء الثانى من نفس السلسلة بينما جاءت المؤثرات البصرية متميزة وخاصة فى مشهد حديث جونى ديب مع طاقم المركب الذى يشبهه تماما .
بشكل عام ( قراصنة الكاريبى 3 ) عباره عن إنتاج سخى وممثل متميز وإيقاع مترهل .

يوم ما تقابلنا

أحياناً يقوم صناع الأعمال السينمائية فى العالم بوضع إهداء بسيط داخل أفلامهم ، وتختلف أساليب صياغة عبارات الشكر والإمتنان من فيلم لأخر ، فعلى سبيل المثال يهدى المخرج محمد خان فيلمه ( موعد على العشاء ) إلى نوال وهو إسم الشخصية التى قامت بتجسيدها الفنانة ( سعاد حسنى ) فى هذا الفيلم ، كما يلخص مضمون فيلمه ( سوبر ماركت ) بعبارة بليغة يضعها قبل التترات وهى ( من أحد الفاشلين إلى كل الناجحين ) ، أما المخرج داود عبد السيد فيهدى عمله البديع ( أرض الخوف ) إلى واضع الموسيقى الحساس ( راجح داود ) ، على العكس من المخرج أحمد عاطف والذى يرسل تحياته إلى فنان الصورة ( محسن أحمد ) فى فيلمه ( إزاى البنات تحبك ) ، و فى بعض الأحيان يتوجه الإهداء إلى شخص رحل عن الحياة الدنيا مثل فيلمى ( عسكر فى المعسكر إخراج محمد ياسين ـ خالتى فرنسا إخراج على رجب ) ، وتجدر الإشارة إلى قيام المخرج (سام ميندز ) بوضع إهداء لمدير تصوير فيلمه ( road to perdition ) نظراً لوفاته عقب الإنتهاء من تصوير العمل وعرضه على الجمهور ، وفى عام 2009 يدخل المخرج إسماعيل مراد إلى هذا المضمار ويبدأ فيلمه الأخير ( يوم ما تقابلنا ) بجملة يكرم بها مونتيرة العمل (منار حسنى) ، ومن الطبيعى أن القارىء لهذه العبارة ستتولد لديه حالة من الترقب لمستوى عملها فى الفيلم والذى دفع المخرج لتكريمها ، ولكنه سيصاب بحالة من الذهول عندما يشاهد هذا المشهد محكم الصياغة الذى يسير فيه نجل البطل (أحمد نور) فى الصباح الباكر ، والذى تم وضعه بين مشهدين تدور أحداثهما فى فترة الليل المظلم ، بحيث يكسر ذلك التتابع البصرى للأحداث نظراً لأن الفيلم يدور فى يومين متعاقبين ، ثم يفاجئنا بعد مشاهد قليله باختراع جديد يتم عن طريقه إعادة اللحية الخاصة بالممثل عبد الله مشرف فور ظهوره بدونها على الشاشة ، وذلك رغبة من المخرج فى تحقيق أحد أكبر أخطاء الراكور فى تاريخ السينما العربية .
ثمة حالة من التقمص تنتاب المخرج (إسماعيل مراد) فى هذا الفيلم ، فهو يتحول إلى نسخة مشوهة من المخرج (حسن الإمام) فى المشاهد الميلودرامية الممتلئة بأكوام الدموع الصناعية مثل اللقاء الذى يجمع بين البطل ( محمود حميدة ) وطليقته ( علا غانم ) ، وينتحل فى أحيان أخرى شخصية المخرج (إسماعيل حسن) فيقوم بتنفيذ مجموعة من المشاهد يتوهم أن تثير قدراً من الإبتسام لدى المشاهد البائس ، مثل (مشهد مقابلة الرجيسير للجمهور باعتباره النجم السينمائى الشهير ، وتوبيخ مساعد المخرج لإحدى السيدات من الكومبارس نظراً لقيامها بارتداء حذاء متواضع / شبشب ) ، كما يضع الموسيقى الخاصة بمسلسل ( الضوء الشارد) للمخرج مجدى أبو عميرة ، أثناء عرض مشهد يجمع بين الفنان نور الشريف والممثل كريم كوجاك ضمن أحداث مسلسل ( حضرة المتهم أبى ) إخراج رباب حسين ، ويتحول المخرج فى بعض اللحظات الدرامية إلى صورة من صانع أفلام المقاولات (ناصر حسين) حيث يدمر إحساس الممثل (محمد نجاتى) بشخصيته فى مشهد قراره الخاص بترك أصدقاؤه والعودة إلى القاهرة ، متبعاً نظرية حداثية يتركز مضمونها فى العبارة الأتية (العشوائية فى تحريك المجاميع هى الطريق الوحيد للإشتراك فى مهرجان القاهرة السينمائى) ، بحيث تنتشر بجوار الممثل مجموعة من الكومبارس (أجبرهم حظهم التعس على الظهور أمام كاميرا المخرج الطليعى) بشكل فوضوى ، وكأنه يقوم بتصوير برنامج من إنتاج القناة الخامسة داخل أحد الشوارع المزدحمة بمحافظة الإسكندرية ، وعلى جانب أخر يأتى مشهد حلم (أم نصيف) بشقيقتها الراحلة أشبه بأفلام الرعب الساذجة التى تخصص فى صناعتها المخرج (ياسين إسماعيل ياسين ) .
فى أخر مشاهد فيلم ( يوم ما تقابلنا ) تؤكد زينب لأفراد أسرتها مدى جمال هذا اليوم الذى قضته خارج المنزل ، مما يدفعنا للتساؤل هل كانت تقصد بذلك يوم المخرج ( إسماعيل مراد ) الملىء بالزيف والإفتعال والسماجة ، أم ذلك اليوم الذى تقابلت فيه إحدى فتيات الليل مع سائق تاكسى فقير ، تحت إشراف مخرج متفرد لم يسعى للوصول إلى العالمية ، بقدر ما كان متعاطفاً مع البائسين والمحبطين من البشر ، فى فيلم يحمل إسم ( ليلة ساخنة ) .

1000 مبروك

من الأمور اللافتة للنظر أن معظم الأفلام التى يتم عرضها فى موسم الصيف هذا العام تحتوى على جرائم قتل سواء كانت متعمدة مثل فيلم إحكى يا شهر زاد إخراج يسرى نصر الله ، أو بمحض الصدفة مثل فيلم العالمى إخراج أحمد مدحت ، كما أن هذه الجرائم يستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة مثل السيوف والمطاوى فى فيلم إبراهيم الأبيض إخراج مروان حامد ، أو المسدسات مثل فيلم السفاح إخراج سعد هنداوى ، وينضم فيلم ألف مبروك للمخرج أحمد جلال إلى هذه الأعمال باحتوائه على العديد من المشاهد التى تتضمن مصرع البطل ( أحمد حلمى ) .
إذا تصادف ومر أحد الأشخاص أمام الأفيش الخاص بفيلم ( ألف مبروك ) فور إنتهائة من مشاهدته ، سيبدأ فى التعامل معه بشكل مختلف عن رؤيته السابقة له فى الشوارع والميادين المختلفة ، حيث يصور هذا الملصق بطل العمل خارجاً من نعش بينما ترتسم على وجهه إبتسامة ، وهو ما يعبر عن مصير البطل والذى تقبل فكرة وفاته بشكل سلس فى نهاية الأمر ، كما أن إسم العمل إنما يرتبط بفكرة الفيلم ، فالبطل طوال الأحداث يمتاز بالعديد من الخصال السيئة مثل اللامبالاة ، فهو إذن شخص غير كامل ، ولذلك فإن تتابعات النهاية التى تشهد تصالحاً بين جميع الأطراف إنما تشير إلى نجاح البطل فى أن يكون شخصاً جيداً ، كما أنه قد إعترف بعيوبة أمام الموظفين الجدد وهذه خطوة تؤكد أنه لو كان العمر قد إمتد به فسيعيد ترتيب حياته مرة أخرى ، ولذلك فإن صناع العمل إنما يهنؤنه على ذلك بإختيارهم لهذا العنوان ليتصدر الفيلم .
وإذا كان البطل تتكرر معه بعض التفاصيل التى يمر بها يومياً مثل مقابلة الشجار مع الأخت ومقابلة الحلاق ، فإن الجزء الأخير من العمل يشهد إنتقال بعض التفاصيل إلى أفراد أسرته فشقيقته تصاب بجرح فى أحد أصابعها ، وترتطم الكرة التى يسددها الطفل الصغير بوالده أثناء جلوسة على المقهى ، بينما تحدثه والدته عن عطل الساعة الخاصة بها ، كما تتغير بعض التفاصيل الأخرى مثل الصنبور الذى تندفع منه المياة وإستماع البطل لحديث والدته مع والدة ، وهو ما يعبر عن إختلاف الواقع عن الإطار المغلق الذى تمت محاصرته بداخلة طوال العمل .
تدور أحداث فيلم ( ألف مبروك ) يوم زفاف البطل ، ولا يبدو إختيار هذا اليوم قد جاء بمحض الصدفة ، فقد شهد زفافه إلى الموت وليس إلى عروسه ، كما أن الفيلم قد تجاهل متعمداً العديد من التفاصيل يوم العرس ، فلا يوجد شخص يذهب إلى حفل زفافه الساعة الثانية عشر مساء ، تاركاً المدعوين وحدهم داخل قاعة الفرح ، بينما المعتاد أن يصل للمكان مع زوجة المستقبل والأقارب والمعارف .
وعلى جانب أخر تتشابه بعض المواقف الدراميه فى هذا العمل مع أجزاء من فيلم (Groundhog Day) مثل محاولة البطل الإنتحار بسبب يأسه من يومه المتكرر ومقابلته لشخص يطلب منه شراء بوليصة تأمين / أسهم ، كما تختلف مواقف أخرى عن نفس الفيلم الأجنبى ، فعلى سبيل المثال يحتوى هذا العمل على قصة حب تتطور مع مرور الأحداث وإكتشاف البطل جميع الأشياء التى تفضلها حبيبته ، أما الفيلم المصرى فيخلو من ذلك حيث يركز بشكل رئيسى على شخصية البطل وعلاقته بمن حوله .
يستعين المخرج أحمد جلال بعدد من الوجوه الجديدة شارك بعضهم فى عمل واحد مثل محمد فراج والذى إشترك فى بطولة فيلم ( بنات وموتوسيكلات ) للمخرج فخر الدين نجيدة ، بينما يظهر البعض الأخر للمرة الأولى مثل ( محمود الفيشاوى ) ، وبالرغم من إبتكارية هذه التجربة ، إلا أن المشاهد لا يستطيع أن ينسبها إلى المخرج فقط بل عليه أن يشيد بالبطل الذى تحمل هذه المخاطرة ، ففى مصر يختار الممثل كل من المخرج والمؤلف ومدير التصوير ، فنلاحظ أن معظم الأعمال التى قام ببطولتها الممثل ( كريم عبد العزيز ) قام بتصويرها المصور ( إيهاب محمد على ) وهو الذى لم يستعن به المخرج أحمد جلال فى أعماله التى قدمها مع غيرة من الفنانين .

الخميس، 18 يونيو 2009

صياد اليمام.. المقاولات الأدبية

بنظرة سريعة على أغلب الأعمال السينمائية المصرية والمأخوذة عن أعمال أدبية سنتأكد أن بعض السينمائيين قد تعاملوا مع روايات كبار الكتاب مثل ( نجيب محفوظ ـ إحسان عبد القدوس ـ طه حسين ) باستخفاف شديد لتخرج لنا أعمال مثل ( شهد الملكة إخراج حسام الدين مصطفى ـ الحب الضائع إخراج بركات ـ أرجوك اعطنى هذا الدواء إخراج حسين كمال ) معتمدة بشكل رئيسى على الصدف الملفقة والتوليفات التجارية مضمونة النجاح ، أما البعض الأخر فقدم أعمالأ متماسكة ستظل راسخة فى تاريخ السينما المصرية مثل ( البوسطجى ـ الأرض ـ بداية ونهاية ) ، وبعيداً عن العلاقة الأزلية بين النص الروائى ونظيره السينمائى ، فإننا إذا نزعنا إسم الأديب من تترات العمل السينمائى الركيك ، لن ينقص هذا من ضعف مستواه الفنى ورداءته الشديدة ، و يأتى فيلم صياد اليمام كضيف ثقيل الظل ، إقتحم دور العرض فى غفلة من الزمن ، ونال جزاءه المحتوم فى النهاية .
عندما يتصدر إسم الروائى الكبير ( إبراهيم عبد المجيد ) أفيش أحد الأفلام ، سنعلن تأييدنا الفورى لقيام أحد كتاب السيناريو بالتحمس لأحد إبداعاته الأدبية وسط هذا الكم الضخم من الأعمال الرديئة التى يبحث صناعها عن الإيرادات الوهمية ، وسنتوقع مستوى فنى معين يتناسب مع هذا الطموح ، وسنستبشر خيراً عندما نقرأ إسم مدير التصوير رمسيس مرزوق على الملصقات ، فبتقديمه أعمال متميزة سابقة مثل ( إسكندرية كمان وكمان إخراج يوسف شاهين ـ زائر الفجر إخراج ممدوح شكرى ) ، سيجد ضالته فى تقديم عالم جديد مختلف عن الأجواء التقليدية التى يدور فيها الفيلم المصرى منذ عشرات الأعوام .
ولكن كل هذه الأحلام تتبخر فور بدء فيلم صياد اليمام ، ففى المشهد الأول نفاجأ بمجموعة كوارث سينمائية مكثفة تدفع المشاهد المتمرس إلى الفرار من دار العرض إلى غير رجعه ، ويصور لنا المشهد عودة والد البطل من عمله ورؤيته لوالدته ، والتى تشبه الجنية المسحورة من فرط جمالـها وجاذبيتـها ، وعلينا أن
نتوقف أمام الوصف السابق ذكره ، والذى يعتبر هو المفتاح الرئيسى لفهم الفيلم كله ، فالمخرج يقرر إخراج جميع مواهبة المدفونة ، فيتعمد ( بالإتفاق مع مدير التصوير ) أن يجعل المكان غارقاً فى الظلام بحيث لا يتبين المتفرج الفارق بين والد البطل وصديقه الذى يتبادل معه أطراف الحديث ، ثم يستكمل المشهد الفذ بإختياره للمكان السحرى وهو عبارة عن إحدى الترع بحيث نلمح إطارات السيارات الفارغة منتشرة بجوار والدة البطل .
ومن السهل أن يقوم أحد الأشخاص بتأليف كتاب كامل عن الأخطاء الموجودة فى فيلم صياد اليمام ، مثل إختيار ممثل ثانوى لأداء شخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، بالرغم من عدم وجود أى تشابه فى الشكل الخارجى بينهما ، أو تثبيت الكاميرا لمدة خمس دقائق على الأب وهو يقوم بكتابة أحد الخطابات ، وأن نقضى نصف المشهد الخاص بوجود الحاوى على المسرح دون أن نرى أى أثر للجمهور الموجود أمامه ، بحيث تبدو فقرته موجهة بشكل رئيسى لجمهور قاعة العرض ، وعلينا أن نذكر بكل الخير الأداء المفتعل للممثل وحيد السنباطى فى دور العم ، المنتمى إلى عالم السهرات التلفزيونية التى توقفت مدينة الإنتاج الإعلامى عن إنتاجها منذ زمن ، أو تكرار المخرج للقطة مصنوعة بالكمبيوتر للقمر على مدار الفيلم ، وترديد مضمون الحوار على لسان الراوى (أحمد راتب ) بعد أن يتفوه به أبطال العمل .
ورغبة من صناع العمل فى الوصول للجمهور بسرعة ، يتم حشو الفيلم بالعديد من المواقف الكوميدية ، بداية من التتر الذى يشبه تترات برامج الأطفال ، مروراً بمحاولة الفنان أشرف عبد الباقى الإستظراف فى مشهد سؤاله عن صديقه ( طلعت زكريا ) داخل البار ، وإنتهاء بمشهد مقابلته لحبيبته داخل المترو ، والذى تعمد فيه التنكر فى هيئة كمسرى .
أما الشىء الوحيد الذى نجح فيه المخرج إسماعيل مراد فهو دفع المتفرج إلى كراهية مصطلح ( أغنية ) ، وذلك بتكراره للأغانى على مدار الفيلم ، سواء كان الموقف الدرامى يتطلب وجودها أو لا يتطلب .

واحد صفر ... الطرف الأخر

من الواضح أن التصدى للكتابة عن أخر أعمال المخرجة كاملة أبو ذكرى ( واحد صفر ) هو مغامرة شاقة ، ليس لصعوبة الفيلم ، وإنما بسبب قيام كم ضخم من المتخصصين والهواة بالكتابة عنه سلباً وإيجاباً ، وهو ما يضع الشخص المنوط بكتابة مقالة عن الفيلم فى مأزق استكشاف نقاط جديدة لم يتم الإشارة إليها قبل ذلك .
وبالنسبة لفيلمنا فنحن نلاحظ أن أغلب مشاهد الفيلم إنما تعتمد على صراعاً أساسياً بين إرادتين مختلفتين ، فعلى سبيل المثال يحمل مشهد تسجيل البرنامج التلفزيوني عدة صراعات ، فهناك صراع بين المذيع ( خالد أبو النجا ) والمطربة ( زينة ) ، وصراع أخر بين المذيع ومخرج البرنامج ، بل أن هناك قيادة عليا تتصل لتبدى استيائها للمخرج ( أحمد كمال ) من بعض التجاوزات الموجودة فى الحلقة ، وإذا كان الصراع دائماً يعتمد على قوتين متناقضتين أحدهما قوية والأخرى ضعيفة ، فإن الطرف الأقوى يتعمد قمع الأضعف مثل مشهد قيام سليم ( حسين الإمام ) بإهانة رانيا ( زينة ) داخل البار ، ولذلك فإن قيام الطفل الصغير بإعطاء قطعة الحشيش لسائق الميكروباس ، لا يعتبر مجرد تفصيلة أساسية فى اليوم الذى تدور من خلاله أحداث العمل ، وإنما هو شعور بالخوف من ترك وظيفته المتواضعة .
هذا الشعور إنما يسيطر على كثير من الشخصيات الأخرى ، فنيفين (إلهام شاهين) تخاف من إسقاط الحمل مؤكدة أن هذه هى فرصتها الأخيرة ، بينما تحاول هدى ( إنتصار ) أن تقنع الراقصة بجودة المنتجات التى تبيعها حتى لا تخسر مزيداً من الزبائن ، أما عادل ( أحمد الفيشاوى ) فإنه يعانى من عدم قدرته على استكمال مشروع الكوافير الخاص به بسبب قلة الأموال الموجودة فى حوزته .
وتأخذ علاقة الرجل والمرأة جانباً من إهتمام صناع الفيلم ، ويحتوى العمل على أشكال مختلفة من فكرة الثنائيات ، والشىء الملفت للنظر أن معظم هذه العلاقات إنما يشكل ( الجنس ) ملمحاً رئيسياً فى تطورها ، فهدى تستسلم لشخص يتحرش بها داخل الأتوبيس ، أما نيفين فإنها علاقتها بشريف تثمر عن جنين ، ويأتى مشهد الحب بين عادل ورانيا داخل دورة المياة ليؤكد أنه لا يزال يحبها ، وذلك على العكس من علاقتها بسليم والذى يعبر فيها الجنس عن مدى المهانة التى ارتضتها رانيا لنفسها فى مقابل أموال زهيدة ، وهو ما سبق وأعلنت عنه فى مشهد البرنامج .
وتمتد فكرة الثنائيات لتشمل أغلب المشاجرات التى تنتشر على مدار الفيلم ، والتى تنقسم إلى عدة أنواع ، ففى بعض الأحيان يدخل أحد الأطراف إلى المشاجرة وهو فى حالة استعداد لها مثل مشهد ( ريهام وشقيقتها ـ عادل ووالدته ) ، وفى أحيان أخرى يبدأ المشهد بالطرفين وهما فى حالة إسترخاء شديد مثل المشاجرة التى جمعت بين نيفين وشريف ، ونلاحظ أن المشاجرات الثلاثة التى تم تقديمها بشكل متوازى ، إنما تنتهى بخروج الطرف الأضعف من المكان ، والضعف فى هذه الحالة يتراوح ما بين عدم القدرة على إتخاذ القرار المناسب مثل ( شريف ) وعدم استطاعة هذا الطرف إثبات براءته ونبل أفعاله لأقرب الأشخاص إليه مثل (رانيا) .
ومن الأشياء الملفتة للنظر فى الفيلم أن أغلب الإنتقالات إنما تتم بين شخصين تربطهما صلة محددة وهو ما يتضح فى الفوتومونتاج الذى رصدت المخرجة من خلاله الحالة النفسية الخاصة بشخصيات الفيلم المختلفة ، ويظهر بوضوح فى الإنتقال بين ريهام أثناء لقاءها مع الشاب ومشاهد تواجد شقيقتها داخل البار .
وفى بعض الأحيان يتدخل طرف ثالث محاولاً حل المشاكل الموجودة بين الطرفين الأساسيين ، وهو ما نلمسه فى قيام صديق عادل بإخباره أن والدته ستساعده فى إستكمال تجهيز المحل ، وتأكيد مونى ( عايدة رياض ) لنيفين أن شريف قام بالإتصال بها مؤكداً أنه لا يستطيع الإستغناء عنها .
وإذا كان الفيلم ينتهى بانتصار مصر وفوزها بكأس الأمم الأفريقية ، فإن شخصيات الفيلم المهزومة ، إنما تنتابها حالة سعادة مؤقته ، وهو ما يطرح سؤالاً أخيراً ماذا يحدث لو إنتهت المباراة بهزيمة المنتخب القومى؟ ، هل ستتغير مصائر الأبطال ؟ ، لا أعتقد ذلك ، فالجميع يجرون بسرعة تجاه النفق المظلم ، وربما يتحول عادل بعد سنوات إلى نسخة أخرى من صاحب المحل القاسى ، وتقوم رانيا بإصدار شريط كاسيت جديد ، أما الطفل فإن المستقبل الدامس ينتظره ليصبح مجرد سائس جراج كهل مثل جدة (لطفى لبيب ) .

السبت، 2 مايو 2009

Michael Clayton

فكرة البطل الذى يحارب من أجل كشف الحقيقة تم تناولها فى العديد من الأعمال سواء كانت مصرية أو أجنبية نذكر منها ( ضد الحكومة للمخرج عاطف الطيب ـ erien Brokofichللمخرج ستيفين سودربرج ) و ما يربط بين هذه الأعمال و فيلم مايكل كلايتون هو عمل أبطال الأفلام الثلاثة فى مهنة المحاماة ( عملت بطلة الفيلم الثانى / جوليا روبرتس فى مكتب أحد المحامين / ألبرت فينى ) كما أن جميعهم إنما يعانون من مشاكل أسرية مثل الإنفصال عن شريك الحياة ، وبينما يأتى مبرر تحول مصطفى / أحمد ذكى فى فيلم ضد الحكومة إلى مناضل بسبب إكتشافه وجود إبن له ضمن ضحايا الحادث ، يبدو مبرر مايكل / بطل فيلمنا أكثر منطقيه فهو على الأقل يرغب فى الإنتقام لنفسه أولاً و لصديقة الوحيد ثانياً .
ثلاثة خيول تقف صامته ينظر لها البطل مسحوراً ، يكاد يبكى من فرط إعجابه بها إنها تمثل فكرة البراءة فى أروع صورها ، وتمهد لتصرف البطل و الذى لم يتم تنميط شخصيته بل حرص الكاتب أن يضع لها العديد من التفاصيل التى تم زرعها بشكل دائم على مدار الفيلم مثل مشهد مقابلة مايكل لشقيقه المدمن وحالة الفتور التى عامله بها ( يسأل الطفل أباه عن قيام العم بالبكاء ) قبل أن يستعين به فى نهاية الأحداث .
تفاصيل أخرى تميز أغلب شخصيات العمل غير الأحادية مثل حالة التوتر التى تنتاب كارين / تيلدا سوينتون أثناء وجودها بمفردها والتى أظهرت كونها إنسانة صلبة من الخارج هشة تماماً من الداخل ( تم تقطيع الحوار الذى تنطقه الممثلة فى مشهد ظهورها الأول داخل الفلاش باك بين المنزل و قاعة الإجتماعات أثناء إجراء الحوار معها ) ، أو عثور مايكل على الخبز الذى كان يحمله أرثر أثناء حديثهما عندما قام بالتسلل إلى شقته ، بالإضافة إلى تكراره لعبارة صديقه ( أنا شيفا إله الموت ) أثناء حديثه مع كارين ، و إستفادته من الرواية التى كان يحدثه الإبن عنها أثناء وجودهما داخل السيارة حيث سارع بالإختفاء داخل الغابة و التخلص من متعلقاته بغرض تضليل من يبحثون عنه ( إستغل السيناريو تفصيلة الكتاب عندما وجده أرثر داخل غرفة البطل وتحدث مع الإبن عنه ثم وضع بداخلة الوصل الخاص بمكتب الكمبيوتر و تصوير المستندات والذى ساعد البطل على إدانة الشركة ) .
و يستخدم السيناريو إسلوب الرجوع بالذاكرة ( فلاش باك ) منذ بداية الفيلم ، ويقوم بتبرير كيفية وضع القنبلة داخل سيارة مايكل كلايتون / بطل الفيلم وعدم إكتشاف مطارديه نجاته بسبب فقدانهم أثر سيارته ، كما يعرض الحدث الرئيسى الذى بنيت عليه أحداث الفيلم وهو ( قيام أرثر بالتجرد من ملابسة أثناء وجودة داخل غرفة الشهادة ) من خلال شريط فيديو ، ويكرر عبارات الصديق مرتين والتى تلخص قراره ( خرجت من مخرج نظام مهمته الوحيدة هى إفراز السم ـ لقد ولدت من جديد ) وذلك للتأكيد على تبنى المخرج / المؤلف لوجهة نظره والتى ترجمها عن طريق المشهد الذى يقوم فيه بالسير أمام مبنى الأمم المتحدة .
و يوظف المخرج الصور الفوتوغرافية بشكل يخدم مضمون الفيلم فعندما يقتحم المحامى / سيدنى بولاك مكتب أرثر للبحث داخل متعلقاته يفتتح المشهد بصورة لأسرته وهم فى حالة سعادة فى إشارة إلى فقدانه الإستقرار الأسرى بعد وفاة زوجتة ، كما يتصدر شعار الشركة ( يو / نورث ) العديد من المشاهد الخاصة بالقتلة وذلك منذ ظهورهما الأول فى ملعب الجولف .
ينتهى فيلم ( مايكل كلايتون ) باستقلال البطل لسيارة أجرة ، يجلس بداخلها مبتسماً ، هذه النهايه المختلفة عن ختام فيلم ضد الحكومة الممتلىء بالكاميرات و المصورين و الصحفيين ، إنما تمثل الفارق الرئيسى بين الأفلام الطامحة فى تأييد جماهيرى و الأعمال التى تبقى فى تاريخ السينما لسنوات طويلة .

قبلات مسروقة

(يتعاظم الإحساس بالفقر لدى الشاب الفقير ، فيتجه إلى ذلك المكان الممتلىء بكل الموبقات ، ويكتشف تدريجياً أنه قد فقد بداخلة كل ما كان يربطة بأصوله الطيبه ) هذه الجملة السابقة إنما تلخص أحوال أكثر من نصف أبطال السينما المصرية بداية من صلاح / المطرب عبد الحليم حافظ فى فيلم الوسادة الخالية وإنتهاء بإيهاب بطل فيلم قبلات مسروقة .
إن تناول مشكلات الشباب فى السينما المصرية ، إنما يعتمد على محور أساسي ، هو إتهام الجيل القديم بأنه السبب الرئيسى لهذه المأساة التى يعيش فيها أبطال الأفلام ويشمل هذا الأباء و الأمهات مروراً بأصحاب العمل والذين يفضلون عمل الفتيات اللاتى يتمتعن بجمال ملحوظ ويرفضون الشباب الساعى إلى فرصة يستطيع من خلالها تحقيق أحلامه وهو المشهد الذى تكرر فى فيلمنا وأعتمد المخرج من خلاله على اللقطات المقربة لوجوه الشباب المحبط .
تبدو إستعانة المخرج خالد الحجر بفنانين كبار ينتمون إلى طاقم ماوراء الكاميرا( تصوير ـ ديكور ) جزءاً من خطة محكمة يهدف من خلالها إلى صنع صورة سينمائية تنتمى إلى فترة زمنية سابقة ، ويتضح ذلك باختيار مكان التصوير الخاص بمشاهد بيع محمد كريم للبضائع فى مدينة الإنتاج الإعلامى ، بالإضافة إلى الفندق المجاور للمدينة والذى تم تصوير ما يقرب من 10 مشاهد بداخله ، كما يمهد السيناريو لوجهة نظر المخرج بإعتمادة الرئيسى على الحوار فى التعبير عن دوافع الشخصيات مثل حديث حنان / فرح يوسف عن رغبتها فى الحصول على زوج ثرى بالإضافة إلى تعليقات الشخصيات حول إرتفاع الأسعار وخاصة فيما يخص الفنادق شديدة الفخامة والإتساع .
بينما يقتصر دور الإضاءة على الإنارة دون التعبير عن مضمون الفيلم وذلك باستثناء المشهد الخاص بانتحار فتاة الليل ، والذى شهد نجاحاً فى توظيف مصادر الإضاءة المعتمة والمعبرة عن الحالة النفسية السيئة التى تمر بها هذه الشخصية .
و على جانب أخر يحاول المخرج التعبير بالصورة عن مضمون الفيلم فى العديد من المشاهد ، فعلى سبيل المثال عندما يذهب كل من إيهاب و مروة ( أحمد عزمى ـ يسرا اللوزى ) إلى شقتهم الجديدة تستقبلهم الكاميرا من خلف باب العمارة الحديدى فى إشارة إلى إحساسهم بالإحباط وكأنهم يعيشون داخل سجن كبير وهو ما يتكرر فى موضع أخر من الفيلم عندما يكتشف عزت / باسم سمرة خيانة حبيبته فيجلس على السطوح الخاص بمنزله و يضع المخرج قفص العصافير الخاص به فى مقدمة الكادر بحيث يظهر الممثل من خلف قضبان القفص .
كما يهتم فى بعض الأحيان بوضع صور فوتوغرافية فى خلفية المشهد أو مقدمة الكادر للتعبير عن مضمون المشهد وهو ما يظهر بوضوح فى المشهد الذى تخبر فيه الأم / حنان يوسف إبنها بضرورة إعلان زواجة بمروة حيث نلاحظ وجود كلمة ( ok ) فى الأفيش المعلق على الحائط بمعنى موافق ، وعندما يقوم سليم / شادى خلف بقتل مايا / نيرمين ماهر يرصد المخرج صورة ضخمة معلقة على الحائط للشخصية وهى تتناول تفاحة حمراء ( فى إشارة لفكرة تفاحة أدم / رمز الغواية ) .
ونحن نلاحظ أيضا إرتباط بعض المقابلات الليلية بين فتاة الليل و سائق التاكسى / ماهر سليم بمكان معين وهو جراج مكتوب عليه بخط كبير ( ممنوع الإنتظار ) وهو ما يحيلنا إلى قيام المخرج بإدانة نشاطهم المشبوه .
بينما تأتى إختيارات بعض الممثلين غير موفقة إما بسبب عدم ملائمة السن مثل الممثل الذى أدى شخصية وكيل النيابة ذو الخمسين عاماً أو بسبب عدم التمكن من الإمساك بتفاصيل الشخصية ( مشهد المواجهة بين مايا و سليم ) .
كل هذه السلبيات والإيجابيات الموجودة داخل الشريط السينمائى تجيب على سؤال رئيسى وهو ما سبب عدم أحساس المشاهد بالتوحد مع شخصيات و أحداث فيلم ... قبلات مسروقة ؟ .

الأربعاء، 15 أبريل 2009

أحلام الفتى الطائش


فى الفترة الأخيرة تم تصعيد العديد من الممثلين الى الصفوف الأولى بعد نجاحهم فى أداء بعض الأدوار الثانوية فى عدة أفلام ناجحة ومنهم طلعت زكريا فى حاحا وتفاحة و محمد لطفى فى عبدة مواسم ومحمد رجب فى 1/8 دستة أشرار وماجد الكدوانى فى جاى فى السريع ، وحققت بعض هذا الأفلام نجاحا ساحقا بينما عاد بعض الممثلين الى الدور الثانى مرة أخرى بعد فشل أول أفلامهم ، وهذا العام يتم تصعيد رامز جلال الى البطولة المطلقة بعد أداؤه لأدوار هامة فى عدة أفلام مثل ( أحلام عمرنا لعثمان أبو لبن وحبك نار لإيهاب راضى ) .
عندما يشاهد المتفرج اسم الممثلة نيللى كريم وهو يتصدر تترات فيلم ( أحلام الفتى الطائش ) سيتوقع على الفور أنها بطلة الفيلم أى أن عدد مشاهدها سيكون هو الأكبر بالنسبة لبقية الأبطال ولكن ماحدث غير ذلك تماما ، اذ يدخر السيناريو ظهور نيللى كريم الى النصف الثانى من الأحداث ليس بسبب رغبته فى مفاجأة الجمهور لأهمية دورها على المستوى الدرامى ولكن لرغبة صناع الفيلم فى التركيز على البطل ( رامز جلال ) ومواقفه الكوميدية .
على جانب أخر ، ينقسم الفيلم الى قسمين شبه منفصلين ، فنشاهد طوال النصف الأول من الأحداث مغامرات وحيد فريد ( رامز جلال ) مع والده فى المنزل بالأضافة الى لقاءاته التى تعتمد على المصادفة مع جارته ( نشوى مصطفى ) و حظه العثر أثناء عملة بشركة التأمين التى يمتلكها صديق والدة ( غسان مطر ) حيث يذهب فى أحد المشاهد بسيارة صديقة للتأمين عليها ولكن السيارة تتحطم تماما فور قيام صاحب الشركة بالتوقيع على البوليصة ، وتسير الأحداث على هذا النحو بتورط رامز جلال فى خطبة جارته الى أن تتغير تماما لصالح قصة الحب التقليدية بين البطل والبطلة حيث ندخل فى سلسلة من المشاهد غير المنطقية بظهور نيللى كريم النجمة المشهورة التى تقع على الفور فى حب الشاب الفاشل فى وظيفتة وتتركة لمجرد أن نشوى مصطفى أخبرتها أنها خطيبته ،حيث لم تفكر فى الأتصال به ليشرح لها حقيقة الأمر.
وتمتد عملية الاستسهال فى السيناريو حيث يتم تكرار نفس الموقف وهو الخاص بتهديد البطل لوالدة بأنه سيتخلص من حياته فى حالة عدم تنفيذه لمطالبه عدة مرات بهدف الأضحاك أما بالنسبة لرسم الشخصيات فيبدو أن نيللى كريم لم تكن وحدها من يجسد شخصيته الحقيقية بل شاركها فيه رامز جلال الذى لا يبدو مختلفا عن أفلامة الأخرى التى جسد فيها شخصية صديق البطل خفيف الظل مثل ( عيال حبيبة وغاوى حب ) فيرتدى نفس الملابس ويقوم بإلقاء الحوار بنفس الطريقة التى يتحدث بها فى الأفلام الأخرى دون أن يوفر السيناريو لدوره أى مساحة من الخصوصية تميزه عن بقية الممثلين باعتباره بطل الفيلم ، وادوارد الذى يجسد شخصية صديقة و يظل يردد نفس الأفيه على مدار الفيلم بأنه قد شارك بدور صغير فى أحد الأفلام ، قبل أن يفاجىء البطل بجملة ليس لها معنى حيث ينصحه الا يكون مثله ، ومن الطبيعى فى ظل سيناريو مفكك مثل هذا ، أن يدور جزء كبير من أحداث الفيلم داخل شقة البطل وشقة جارته ولا يتم التنوع فى أماكن التصوير باستثناء بعض المشاهد القليلة مثل الجزء الخاص بتطور قصة الحب بين البطل والبطلة عن طريق الفوتومونتاج حيث يكاد المتفرج يشعر أنه بصدد مشاهدة مسلسل تلفزيونى

عجميستا .. قصة رجلين متشابهين

بعد توقفات كثيرة نتيجة إصابة الممثلين عرض أخيرا فيلم عجميستا حيث أكد جميع أبطالة فى أغلب الحوارات الصحفية أن الفيلم أكشن من الألف إلى الياء ، والواضح من توقيت عرض عجميستا هو عدم ثقة شركة الإنتاج فى تحقيق الفيلم للإيرادات المرجوة رغم تكلفة الفيلم المتوسطة حيث سيتم حتما سحبة من دور العرض قريبا لصالح أفلاما أخرى تتبع نفس شركة التوزيع
مكتوب على أحد أفيشات فيلم عجميستا باللغة الانجليزية جملة "Story of 2 Different Men"ومعناها باللغة العربية قصة رجلين مختلفين ولكن الجملة الأصح فى رأيى بأن توضع بدلا منها هى ( قصة رجلين متشابهين ) فعلى مدار الفيلم تظهر بوضوح العديد من التفاصيل المشتركة بين كلا البطلين ، حيث يعانى كل منهما من فشل فى تحقيق ذاته ( عز لم يكتب رواية واحدة أما شجلوف فهو يتنقل بين عدة أعمال دون أن يحقق حلمه الأكبر ألا وهو امتلاك مركب ) .
هناك أيضا لكل منهما صديق مخلص يساعده فى كافة المشاكل التى يمر بها وبينما يمتد دور عمران صديق عز ( خالد أبو النجا ) على مدار الفيلم مع وجود تطور واضح فى شخصيته من الشعور بالغيرة بعد نشأة علاقة الصداقة بين كلا البطلين حتى الثورة ثم التغير فى النهاية عندما يطلب من عز الذهاب لإحضار شجلوف إلى المنزل ، يبقى حضور الصديق الأخر ( عمرو ممدوح ) أقرب إلى ضيف الشرف الذى يظهر فى البداية ثم يختفى لمدة ساعة قبل ظهوره مرة أخرى .
عدة مصادفات تؤثر بالسلب على منطقية أحداث الفيلم ، مثل قيام عز بالتجول بجوار البحر فى نفس المكان الذى يتم فيه ضرب شجلوف بواسطة الجزار ورجالة ، أو سير ( عمرو ممدوح ) صديق البطل بجوار المكان الذى يقوم فيه تاجر الحشيش بضرب شجلوف بالاشتراك مع صديقه أما المصادفة الكبرى فهى سير نفس الصديق فى نفس الشارع الذى يقود فيه عز ( خالد أبو النجا ) سيارته متجها إلى مصر لكى يغير عز وجهة نظره تماما إلى النقيض .ثمة قصة مقحمة على أحداث الفيلم وهى الخاصة بتاجر الحشيش ( شريف حلمى ) الذى يجأر بالصراخ بعد وفاة شقيقه معتقدا أن شجلوف هو من قام بقتله ثم يختفى لمدة ساعة ونصف دون أن نرى تطورات الحادث فى لقطة واحدة ( حيث يكتفى المؤلف بجمله عابرة على لسان صديق شجلوف يتحدث فيها عن بحث التاجر عنه ) قبل أن يظهر مرة أخرى فى نهاية الفيلم لكى ندخل فى مجموعة مطاردات ساذجة كأن يقتل التاجر ظابط شرطة يقف فى لجنة تمتلىء بالسيارات ولا تتحرك اى سيارة من مكانها ولا نرى رد فعل أى شخص باستثناء عز بل ولا نشاهد أى دور للشرطة سوى فى اللحظات الأخيرة على طريقة أفلام الخمسينات كأن يظهر ظابط الشرطة فجأة ليطلق النار على التاجر قبل قيامه بقتل شجلوف بلحظة واحدة .
إن اجتماع شخصين من وسطين اجتماعيين مختلفين حيث يؤثر كل منهما فى حياة الأخر هى فكرة براقة ولكن السيناريو يعبر عن أهم لحظات الفيلم وهى الخاصة بتطور العلاقة بين كلا من عز وشلة شجلوف والتى ألهمته بكتابة أولى رواياته ( عجميستا ) عن طريق فوتومونتاج ساذج حيث يجلس معهم أثناء تدخينهم للحشيش أو حين يقف مع شجلوف فى المطبخ أو أمام البحر بينما يتعمد المخرج لأغراض تجارية بحته إما إقحام بعض المشاهد مثل الظهور المفاجىء لمى عز الدين فى مشهد المواجهة بينها وبين عز ( خالد أبو النجا ) أو تطويل مشاهد أخرى لغرض تشويقى مثل مشهد دخول عز لمنزله أول مرة حيث أنه بالرغم من استخدام المونتاج المتوازى بالانتقال بين تجول عز داخل منزله ومحاولة هروب شجلوف من نفس المنزل إلا أن المشهد يعانى من البطء الشديد بسبب طول اللقطات الخاصة بكلا الممثلين . بشكل عام يثبت فيلم عجميستا أن الأفكار الجيدة لا تصنع دوما أفلاما متميزة .

علاقات خاصة ...علاقات غير متشابكة

عندما قرر المنتج حسين القلا المغامرة بعرض فيلم أوقات فراغ فى الصيف لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع نجاح الفيلم لتندفع بعدها عجلة الإنتاج كالشلال ونسمع يوميا أخبار جديدة عن إنتاج فيلم شبابى بتكلفة منخفضة .فيلم علاقات خاصة هو ثالث أفلام إيهاب لمعى بعد تجربتيه السابقتين من نظرة عين وكان يوم حبك والعامل المشترك فى الأفلام الثلاثة هو قيام إيهاب بجانب الإخراج بعمل ديكورات أفلامه الثلاثة ، بينما استعان بمدير التصوير وليد نبيل فى فيلميه الأول والثانى .
أسئلة وأجوبة :ـ هل أضافت مشاهد رحلة العزبة التى استمرت قرابة العشر دقائق شيئا للفيلم ؟ هل طورت الأحداث مثلا ؟ الإجابة قطعا لا .. ليظهر سؤال أخر لماذا لم يحذف المخرج هذه المشاهد فى حجرة المونتاج ؟ الإجابة بسيطة .. ليجعلنا نستمتع بمشاهدة ألوان البيكينى التى ترتدياها كلا من تتيانا وسارة بسام .
مونولوجات :ـ منذ أربعين عاما تم توظيف المونولوجات الداخلية فى فيلم ثرثرة فوق النيل للسيناريست ( ممدوح الليثى ) بشكل يخدم مضمون الفيلم ، أما فى عام 2007 فان المؤلف ( نبيل عزت ) يوظف المونولوج الداخلى لنسمع عبارات من نوعية ( البنت دى جامدة قوى ، يالا يا معلم خش عليها ، ياترى بتحبنى واللا مبتحبنيش ) دون أن ندرك مبرر كل هذه المونولوجات التى يمتلىء بها الفيلم .
ضيوف شرف :ـ إذا كانا فيلمى المذنبون للمخرج سعيد مرزوق وإسكندرية ليه للمخرج يوسف شاهين قد حققا الرقم القياسى فى الاستعانة بضيوف الشرف فان المخرج إيهاب لمعى قد ابتكر نظرية مفادها ( الاستعانة بضيوف الشرف أوفر كثيرا من الاستعانة بكومبارس متكلم ) وعلينا أن نصفق لطريقة عفريت العلبة التى ظهر بها ضيوف الفيلم ،كأن يقفز الممثل فى وجهك صارخا ( بخ ) .
الفراغ القاتل :ـ هذا الكم من الثرثرة التى يمتلىء بها الفيلم والذى لا ندرى له سببا ، كأن نسمع على مدار الفيلم ذكريات الأبطال الثلاثة بشكل مفصل ، وأن يستغرق مدحت ( أحمد نور ) قرابة الساعة فى تدخين عشرة ألاف سيجارة لمجرد شكه فى خيانة زوجته ، قبل أن نشاهد أسخف مشهد مواجهة فى تاريخ السينما ( يا تطلقنى يا تسامحنى ، خنتينى ليه .. أنا بحبك قوى ) وأن نشاهد ثلاث لقطات بالعدسة الواسعة التى تشوه المنظور لميدان كبير تنتهى بأحد الأبطال جالسا داخل سيارته قبل أن نشاهد لقطة رابعة تنتهى بالأبطال الثلاثة يقفون صامتين بجوار سياراتهم ، وأن يتكرر نفس الحوار على لسان أكثر من من ممثل فى مشاهد متتالية ( قلتلك إن احمد مبيعرفش يحب ، لو طلبتينى هكون أسعد إنسان فى الدنيا ) إذا تغاضينا عن كل هذا فإننا لا نستطيع نسيان هذا البرود الخانق الذى يسيطر على المتفرج أثناء مشاهد الممثلة تتيانا .
تقنيات :ـ يصر المخرج ايهاب لمعى على اقحام اشكال سردية لا تخدم أفلامه فقد استخدم فى فيلم ( كان يوم حبك ) لونى الأبيض والأسود فى مشاهد تذكر البطلة لحياتها وتعرض المشاهد على شراع مركب ، وفى علاقات خاصة نجده يقوم فى المشهد الأول بكتابة أسماء الأبطال بجوار الممثلين ويستعين طوال الفيلم بفواصل لمطربة تقوم بأداء بعض الأغانى كتعليق على الأحداث ويلجأ للعناوين فى بداية الفيلم ونهايته ويخدعنا بنهاية زائفة قبل أن يفاجئنا بالمصير الحقيقى لشخصيات الفيلم ولكن كل هذا لا يضيف للفيلم شيئا وكان من الأفضل لو ركز المخرج جهوده فى توجيه أداء الممثلين خاصة ( يوسف حايك وسارة بسام ) الذى هبط بالفيلم إلى القاع .

رامى الإعتصامى ... البحث عن قضية


إذا قام شخص ما بسؤال أحد كتاب السيناريو ، عن أسرع طريقة لتقديم شخصية درامية ، فسيصمت قليلاً ، ثم يرشده إلى بعض الأفلام المصرية و الأجنبية ، وقبل إنصرافه من الجلسة التى ستجمعهما ، سيهمس فى أذنه بضرورة مشاهدة فيلم رامى الإعتصامى ، ففى أول ثلاث مشاهد يظهر فيها رامى ( أحمد عيد ) ، يستطيع السيناريست لؤى السيد إعطاء المتلقى ملخص لشخصيته ، ويشمل هذا الملخص وضعه الإجتماعى ، بالإضافة إلى علاقاته بأصدقائه و بالفتاه التى يحبها من طرف واحد ، كما يلقى الضوء على الحدث الذى سيبنى عليه أحداث الفيلم وهو قيام البطل بإنشاء جروب على موقع ( الفيس بوك ) يطلب فيه تغيير النشيد الوطنى .
هذا التقديم المكثف لشخصية البطل ، وهو يختلف عن كثير من أبطال الأفلام الشبابية فى نقطة رئيسية وهى أنه شخص لا يثير تعاطف المتلقى طوال جزء كبير من أحداث الفيلم ، وذلك لأن كل تصرفاته إنما تنبع من حالة الخواء التى يعيش فيها ، والتى من أبرز سماتها شغفه بفتيات الليل اللاتى تنتمين إلى الأحياء الشعبية. وذلك على العكس من الشخصية الأكثر إنسانية ، وهى كاكا ( ريكو ) ، فظروفه الإجتماعيه تدفع إلى التعاطف معه ، فهو يعانى من الفقر وعدم القدرة على الزواج من حبيبته فوزية (أيتن عامر) ، مما يذكرنا بهذا العامل (إسماعيل فرغلى) والذي ظهر فى مشهد واحد ، يشكو فيه من ظلم صاحب المصنع الذى يعمل بداخله ، طارحاً فكرة الإعتصام التى اقتبسها منه البطل .
عدة رموز ينثرها كاتب السيناريو والمخرج على مدار هذا الفيلم ، يتم التعبير عن بعضها عن طريق الانتقال بين الشخصيتين الرئيسيتين (رامى ـ كاكا) ، فالمخرج يعرض فى أحد المشاهد جزء من فيلم ( الأرض ) للمخرج يوسف شاهين ، فى التلفزيون الموجود داخل خيمة البطل ، وذلك بعد فقدان أهل العشوائيات لمكان إقامتهم ، بينما يزرع كاتب السيناريو شخصية عسكرى أمن مركزى فقير ، يرغب فى العودة إلى قريته ، والزواج من حبيبته ، ويؤدى دوره الممثل (محمد رمضان) ، مقتنعاً فى قرارة نفسه ، بأنه يقدم دوراً خالداً ، يماثل ما قدمه الفنان (أحمد ذكى) فى فيلم البرىء للمخرج (عاطف الطيب) ، ولكنه ينسى فى ذروة حماسة أن المؤلف لم يجعل مصير شخصيته هو الموت فقط ، بل جعل النسيان هو مصيرها الأوحد برغبته الواضحة فى إضفاء حس كوميدى على الشخصية عن طريق صورة خطيبته القبيحة ، والتى يركز عليها المخرج فى لقطة مقربة (close up).
عملية ( قص و لصق) يقوم بها صناع العمل من عدة أفلام مختلفة ، فهناك فيلم عايز حقى للمخرج (أحمد جلال) سبق وأن ظهرت فيه فكرة التدخل الأجنبى الراغب فى تشجيع أى أنشطة مضادة لسياسة الدولة ( بيع المال العام فى الفيلم الأول ، وتغيير لون ونشيد علم مصر فى الفيلم الثانى ) ، وهناك إختيار نفس الممثل ( أحمد راتب ) لشخصية المسئول الأمنى الذى يقف على الحياد دائماً ولا يهمه سوى مصلحة الوطن ، والتى ظهرت سابقاً فى فيلم ( أنا مش معاهم ) للمخرج أحمد البدرى ، أما النقطة الأهم فهى هذا التقديم الموضوعى من وجهة نظر صناع العمل للتيار الدينى ، فإذا تأملنا شخصيات الفيلم ، والتى قام المؤلف بتقسيمها إلى فئات ثلاثة سنجد أن التعميم هو الصفة الغالبة ، فرامى وأصدقاؤه منحلون يشربون الخمر ، وينفقون أموالهم فى إقامة الحفلات الصاخبة ، أما أهالى العشوائيات فبالرغم من كون بعضهم يسرق من أجل سد جوعه ، ويحاول استغلال الإعتصام لتحقيق مكاسب مادية ، إلا أن هذا لا يجعلهم يفرطون فى شرفهم والذى دافعت عنه فوزية عند محاولة رامى إغتصابها ، فى أحد أكثر المشاهد إضحاكاً ، أما التيار الدينى فقائدهم أبو المواهب ( إيهاب فهمى ) يكره العنف ، على العكس من مساعده ، و يوضح السيناريو موقفة من عملية الفوضى التى تسببت فى مقتل الجندى ، وهو ما يذكرنا بشخصية الطالب المعتقل ( مجدى بدر ) فى فيلم المخرج أحمد البدرى السابق ذكره ، و محاولة السيناريو أن يكسب تعاطف المشاهد معه من خلال الكلمات الرقيقة التى إحتوى عليها خطابه الذى أرسله إلى والدته .
بينما تتأخر ردود أفعال بعض الشخصيات ، مثل طلب رئيس الوزراء من مساعدة إمداده بملفات كل من ( رامى ـ كاكا ـ أبو المواهب ) ، وذلك بعد إستماعه إلى إقتراحاتهم من أجل تغيير النشيد ، وهو ما كان يجب أن يحدث بمجرد ظهور كل منهم أمام مبنى رئاسة الوزراء ، تذكرنا نهاية الفيلم بعملان الأول هو فيلم هانى رمزى السابق ذكره ، والذى أكد فى ختامه على وجود بند جديد فى الدستور المصرى سيعمل على تطبيقه ، أما الثانى فهو فيلم صايع بحر للمخرج على رجب ، والذى وقف فيه كل من تاجر المخدرات ومحافظ الأسكندريه جنباً إلى جنب فى حفل زفاف البطل ساعين إلى مجاملته وإلى .. إسعاد المشاهدين .

The.Diving.Bell.And.The.Butterfly.


هناك ملاحظة هامة متعلقة بجوائز الأوسكار ، وهى أن كثير من الممثلين الحاصلين على هذه الجوائز قد قاموا بأداء شخصيات مريضة سواء كان مرضاً نفسياً أو عضوياً مثل داستين هوفمان فى فيلم ( رجل المطر ) أو جيمى فوكس فى فيلم (راى) ، كما ظهرت أعمال أخرى تحتوى على شخصيات تعانى من مرض خطير ، بحيث تنتهى أحداث العمل بوفاتها ، سواء كانت هذه الوفاة طبيعية مثل فيلم ( Terms of Endearment ) ، أو كانت بناء على رغبة الشخص نفسه مثل فيلم ( mar adentro ) ، والذى حقق فيه البطل حلمه بالتخلص من آلامه الشديدة.
ويأتي فيلمنا (The.Diving.Bell.And.The.Butterfly. ) وترجمته قناع الغوص والفراشة ، مكملاً لهذه النوعية من الأفلام ، فإذا بحثنا عن علاقة العنوان بمضمون الفيلم ، سنجد أنه يلخصه تماماً ، فقناع الغوص إنما يمثل ذروة اليأس المرتبط بالمكوث فى قاع البحر ، أما بالنسبة للفراشة فهى ترمز إلى الحرية والانطلاق وهو ما يرتبط بفكرة الأمل ، وبين اليأس والأمل تتمحور حياة البطل ، فهو مصاب بمرض أقعده عن الحركة ، ولم يتبقى له سوى إحدى عيناه بالإضافة إلى عقله ، والذى مكنه من تأليف كتاب يحمل الفيلم إسمه .
إن وجود شخصية درامية أمامنا تعانى من إعاقة ما ، إنما يثير فى أنفسنا شعوراً بالشفقة عليها على الفور ، وبالتالي فإن مؤلف العمل الذى يحتوى على هذه الشخصية ، لن يضطر إلى إيجاد مبررات لتصرفاتها بغرض التأثير على المتفرج ، بل أنه سيحولها إلى شخصية بيضاء تماما ، نقية فى كل تصرفاتها ، وهو ما لم يقم به كاتب سيناريو هذا الفيلم ، فهذا البطل الراقد دون حراك ، يتحول فى لحظة إلى شخص بلا قلب ، إذ يطلب من زوجته أن تخبر صديقته فى التليفون بأنه يحتاجها بجواره ، وذلك عن طريق عيناه .
التواصل بين البطل ومن حوله لا يتم عن طريق الحوار المباشر ، وإنما يتم من خلاله حركة عيناه ، وهو ما يصيبه بالإرهاق فى بعض الأحيان ، فيتمنى أن يقوم بإغلاقها ، و تأكيداً لأهمية التواصل فى حياته ، فإن البطل يقتصر ظهوره قبل موافقته على إقتراح الممرضة الخاصة به ، على مجموعة لقطات لأجزاء من وجهه أثناء قيام كل من المخرج والسيناريست ، بتقديم طبيعة الوظيفة التى كان يعمل بها البطل قبل إصابته ، ولكن بعد أن يبدأ فى التواصل معها ، فإن البطل يظهر أمامنا بكامل هيئته ، ويستخدم كاتب السيناريو المونولوج الداخلي على مدار الفيلم ، معبراً به عن مشاعر البطل ، فهو يبدى إعجابه بالممرضات فى بعض الأحيان ، و يعلن عن إحساسه الدفين بالحزن أثناء جلوسه مع أطفاله بجوار الشاطئ .
ثمة كآبة تسيطر على حياة البطل سواء فى واقعه أو أحلامه أو ذكرياته ، فهو يعانى من الوحدة يوم الأحد من كل إسبوع لأن المستشفى تكون خاليه من الحركة التى تجعله يشعر بأنه مازال حياً ، ويرصد المخرج صورة له وهو فى حالة حزن أثناء تذكره للحظة مليئة بالشجن جمعته بوالده العجوز .
و يتم سرد أحداث الفيلم من خلال وجهة نظر البطل ، فالكاميرا يتم وضعها لتجسد الجزء الذى يراه داخل الكادر ، فعندما تأتى زوجته لمقابلته فى بداية الفيلم ، فإن الكاميرا ترصدها أثناء حديثها مع الطبيب ، بحيث يظهر جسديهما بأكمله على الشاشة باستثناء الجزء الأعلى من الوجه ، وعندما يعانى البطل فى نهاية الفيلم من إختفاء حاسة الإبصار فإن المخرج يستخدم مؤثراً بصرياً بحيث لا نكاد نتعرف على طبيعة الشخص الذى يتوجه إليه بالحديث .
سؤال هام يظهر أمامنا أثناء متابعتنا للدراما التقليدية ، وهو يختص بطبيعة الحدث الدرامى الذى ترتبت عليه أحداث العمل السينمائى ، فإذا كان العمل بوليسياً يبقى السؤال النمطى الشهير (من القاتل) ، وفى فيلمنا هذا يدخر المؤلف السبب الحقيقى لإصابة البطل ، ليفاجئنا فى النهاية أنه ليس ناتجاً عن تعرضه لحادث سير مثلاً ، وإنما جاء بسبب قدري ، فهل أراد الله إختبار قدرته على الصمود والتحمل ، أم أن ما فعله جاء عقاباً له عن عدم إحساسه بزوجته التى تعشقه ، أفضل ما قام به السيناريست أنه ترك الفرصة أمامنا لكى نحكم على الأحداث التى نشاهدها بحيادية تامة .
يرى البعض أن هناك نوعين من الأفلام ، الأول نوع نتمنى أن نصنعه، أما الثانى فنندم على مشاهدتنا له ، ولكنى أضيف نوعاً ثالثاً وهو الأعمال التى لا نستطيع أن نصنع مثلها ، لأننا بمجرد قيامنا بمحاولة بسيطة فى هذا الأمر ، سيلقى علينا مؤلف تلفزيونى شهير ، جملة واحدة هى ( لم أستمتع بفيلمك ) .