منذ أن قدم فيلم (الواد محروس بتاع الوزير) إخراج نادر جلال ، قرر المؤلف (يوسف معاطى) ترسيخ فكرة المواطن المصرى الصالح فى أعماله المختلفة ، مؤكداً على طيبة رجال الشرطة فى فيلم (عريس من جهة أمنية) إخراج على إدريس ، وموضحاً مدى ترابط عنصرى الأمة فى فيلم (حسن ومرقص) للمخرج رامى إمام ، بل يؤكد أن رجال الأعمال الفاسدين إناس طيبون بالفطرة لا يمانعون فى مساعدة المواطنون البسطاء فى فيلم (بوبوس) ، كما يؤكد أن المثقفون هم مجموعة من المدعين يحتسون الخمور عند القبض على إحدى فتياتهم فى فيلم (السفارة فى العمارة) ، ويسارعون بالهروب من المظاهرات فى فيلم (طباخ الريس) ، أما المواطن العادى فى أفلامه فهو إما شاب أبله ضعيف الشخصيه يتزوج ويعمل بناء على إرادة والده مثل فيلم (التجربة الدانمركية) ، أو أسرة تعانى من الحرمان الجنسى مثل أسرة رأفت (أشرف عبد الباقى) فى فيلم المخرج وائل إحسان (السابق ذكره) ، ويقدم المؤلف فى فيلم (الثلاثة يشتغلونها) أسرة مشابهة ينصاع فيها الأب لقرار فصله من المصنع بدون وجه حق ، ويوفقه الله للعمل على ماكينة تصوير المستندات ، فيبدو قانعاً رغم كل ما يمر به من ظروف وأزمات حتى يحظى بتعاطف المشاهد المصرى العادى ، ويواصل الكاتب طرح أفكاره المستهلكة فى هذا العمل ، فيقرأ المثقف اليسارى مجلة أطفال ، ويغرق الشاب الأرستقراطى فى اللهو والمجون ، بينما يؤكد الداعية الشاب على فساد الدعاة الجدد ، ولكن ما لم يدركه (يوسف معاطى) أن معظم الشعب المصرى يعتبر هؤلاء الدعاة عبارة عن مجموعة من الملائكة أرسلها الله لكى تساعده فى دخول الجنة ، مما يفسد أى محاولة لتغيير هذه الصورة .
ونحن نفاجأ أثناء مشاهدة العمل أن التترات المنفذة عن طريق الرسوم المتحركة تشبه مضمونه تماماً ، إذ يخلو العمل من شخصية يتفاعل معها المشاهد ويصدقها ، فمهرجان الأنماط الذى إشترك فى صناعته مخرج الفيلم ( على إدريس ) جعل الشخصيات تتحرك وتتكلم وتعبر عن أفكارها بحيادية تامة ، فالشرطى (محمد لطفى) يكتفى بالصراخ ، وفى أحد المشاهد يسخر من الإنتماءات السياسية للمثقف ، حيث يهلل المؤلف لأفكار الشعب المصرى عن ضرورة الإبتعاد عن العمل العام حتى لا يتعرض الفرد لمصير أبطال فيلم ( الكرنك ) ، أما مسئول وزارة التربية والتعليم ( طفى لبيب) فهو يعلن غضبه الشديد فور عمله بالتغييرات التى حدثت للأطفال ، بالرغم من أنه يستطيع إغلاق المدرسة بإشارة واحده .
ويمتد الفقر الفكرى ليشمل الأماكن التى تدور بها الأحداث مثل (منزل البطلة وقسم الشرطة والفصل) حيث نشاهد نفس الموقف كل فترة مع اختلاف ردود الأفعال ، بينما تتعدد أماكن التصوير فى الجزء الدعائى الأخير الذى يكرس لفكرة المواطن الصالح ، عندما تقوم نجيبة بتغيير إسلوبها وتحصل على لقب المدرسة المثالية ، وهو لقب زائف تماماً فهى لم تفعل شيئاً تستحق عليه المكافأة ، فالسيد المؤلف قد إستوعب متطلبات الشعب الأبله ، فلابد للإبن من الحصول على الدرجات النهائية سواء كان يحب ما يقوم بدراسته أو يكرهه ، وعلى هذا فإن هؤلاء الأطفال قد تمكنوا من الحصول على أعلى الدرجات نظراً لقيامهم بحفظ المقررات ، ومما لاشك فيه أن الفتيات سيتحولن إلى نسخة من نجيبة فور وصولهن إلى الجامعة .
ظللت أتذكر فيلمى ( school of rock ، dead poet society ) أثناء مشاهدتى لهذا الشريط ، فهى أعمال تعطى الأولوية لكرامة الفرد وحريته ، وتنادى بضرورة إستغلال الطلاب لمواهبهم ، أما نحن فيسعى السينمائيين لكى يقدمون نموذجاً يحتذى به وهو المدرس المثالى ( رمضان مبروك أبو العلمين حمودة ) ، والذى إرتعد أثناء جلوسة بمكتب سكرتير وزير التربية والتعليم ، بينما إنهال بالضرب على أطفال القرية الأبرياء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق