الأربعاء، 15 أبريل 2009

أحلام الفتى الطائش


فى الفترة الأخيرة تم تصعيد العديد من الممثلين الى الصفوف الأولى بعد نجاحهم فى أداء بعض الأدوار الثانوية فى عدة أفلام ناجحة ومنهم طلعت زكريا فى حاحا وتفاحة و محمد لطفى فى عبدة مواسم ومحمد رجب فى 1/8 دستة أشرار وماجد الكدوانى فى جاى فى السريع ، وحققت بعض هذا الأفلام نجاحا ساحقا بينما عاد بعض الممثلين الى الدور الثانى مرة أخرى بعد فشل أول أفلامهم ، وهذا العام يتم تصعيد رامز جلال الى البطولة المطلقة بعد أداؤه لأدوار هامة فى عدة أفلام مثل ( أحلام عمرنا لعثمان أبو لبن وحبك نار لإيهاب راضى ) .
عندما يشاهد المتفرج اسم الممثلة نيللى كريم وهو يتصدر تترات فيلم ( أحلام الفتى الطائش ) سيتوقع على الفور أنها بطلة الفيلم أى أن عدد مشاهدها سيكون هو الأكبر بالنسبة لبقية الأبطال ولكن ماحدث غير ذلك تماما ، اذ يدخر السيناريو ظهور نيللى كريم الى النصف الثانى من الأحداث ليس بسبب رغبته فى مفاجأة الجمهور لأهمية دورها على المستوى الدرامى ولكن لرغبة صناع الفيلم فى التركيز على البطل ( رامز جلال ) ومواقفه الكوميدية .
على جانب أخر ، ينقسم الفيلم الى قسمين شبه منفصلين ، فنشاهد طوال النصف الأول من الأحداث مغامرات وحيد فريد ( رامز جلال ) مع والده فى المنزل بالأضافة الى لقاءاته التى تعتمد على المصادفة مع جارته ( نشوى مصطفى ) و حظه العثر أثناء عملة بشركة التأمين التى يمتلكها صديق والدة ( غسان مطر ) حيث يذهب فى أحد المشاهد بسيارة صديقة للتأمين عليها ولكن السيارة تتحطم تماما فور قيام صاحب الشركة بالتوقيع على البوليصة ، وتسير الأحداث على هذا النحو بتورط رامز جلال فى خطبة جارته الى أن تتغير تماما لصالح قصة الحب التقليدية بين البطل والبطلة حيث ندخل فى سلسلة من المشاهد غير المنطقية بظهور نيللى كريم النجمة المشهورة التى تقع على الفور فى حب الشاب الفاشل فى وظيفتة وتتركة لمجرد أن نشوى مصطفى أخبرتها أنها خطيبته ،حيث لم تفكر فى الأتصال به ليشرح لها حقيقة الأمر.
وتمتد عملية الاستسهال فى السيناريو حيث يتم تكرار نفس الموقف وهو الخاص بتهديد البطل لوالدة بأنه سيتخلص من حياته فى حالة عدم تنفيذه لمطالبه عدة مرات بهدف الأضحاك أما بالنسبة لرسم الشخصيات فيبدو أن نيللى كريم لم تكن وحدها من يجسد شخصيته الحقيقية بل شاركها فيه رامز جلال الذى لا يبدو مختلفا عن أفلامة الأخرى التى جسد فيها شخصية صديق البطل خفيف الظل مثل ( عيال حبيبة وغاوى حب ) فيرتدى نفس الملابس ويقوم بإلقاء الحوار بنفس الطريقة التى يتحدث بها فى الأفلام الأخرى دون أن يوفر السيناريو لدوره أى مساحة من الخصوصية تميزه عن بقية الممثلين باعتباره بطل الفيلم ، وادوارد الذى يجسد شخصية صديقة و يظل يردد نفس الأفيه على مدار الفيلم بأنه قد شارك بدور صغير فى أحد الأفلام ، قبل أن يفاجىء البطل بجملة ليس لها معنى حيث ينصحه الا يكون مثله ، ومن الطبيعى فى ظل سيناريو مفكك مثل هذا ، أن يدور جزء كبير من أحداث الفيلم داخل شقة البطل وشقة جارته ولا يتم التنوع فى أماكن التصوير باستثناء بعض المشاهد القليلة مثل الجزء الخاص بتطور قصة الحب بين البطل والبطلة عن طريق الفوتومونتاج حيث يكاد المتفرج يشعر أنه بصدد مشاهدة مسلسل تلفزيونى

عجميستا .. قصة رجلين متشابهين

بعد توقفات كثيرة نتيجة إصابة الممثلين عرض أخيرا فيلم عجميستا حيث أكد جميع أبطالة فى أغلب الحوارات الصحفية أن الفيلم أكشن من الألف إلى الياء ، والواضح من توقيت عرض عجميستا هو عدم ثقة شركة الإنتاج فى تحقيق الفيلم للإيرادات المرجوة رغم تكلفة الفيلم المتوسطة حيث سيتم حتما سحبة من دور العرض قريبا لصالح أفلاما أخرى تتبع نفس شركة التوزيع
مكتوب على أحد أفيشات فيلم عجميستا باللغة الانجليزية جملة "Story of 2 Different Men"ومعناها باللغة العربية قصة رجلين مختلفين ولكن الجملة الأصح فى رأيى بأن توضع بدلا منها هى ( قصة رجلين متشابهين ) فعلى مدار الفيلم تظهر بوضوح العديد من التفاصيل المشتركة بين كلا البطلين ، حيث يعانى كل منهما من فشل فى تحقيق ذاته ( عز لم يكتب رواية واحدة أما شجلوف فهو يتنقل بين عدة أعمال دون أن يحقق حلمه الأكبر ألا وهو امتلاك مركب ) .
هناك أيضا لكل منهما صديق مخلص يساعده فى كافة المشاكل التى يمر بها وبينما يمتد دور عمران صديق عز ( خالد أبو النجا ) على مدار الفيلم مع وجود تطور واضح فى شخصيته من الشعور بالغيرة بعد نشأة علاقة الصداقة بين كلا البطلين حتى الثورة ثم التغير فى النهاية عندما يطلب من عز الذهاب لإحضار شجلوف إلى المنزل ، يبقى حضور الصديق الأخر ( عمرو ممدوح ) أقرب إلى ضيف الشرف الذى يظهر فى البداية ثم يختفى لمدة ساعة قبل ظهوره مرة أخرى .
عدة مصادفات تؤثر بالسلب على منطقية أحداث الفيلم ، مثل قيام عز بالتجول بجوار البحر فى نفس المكان الذى يتم فيه ضرب شجلوف بواسطة الجزار ورجالة ، أو سير ( عمرو ممدوح ) صديق البطل بجوار المكان الذى يقوم فيه تاجر الحشيش بضرب شجلوف بالاشتراك مع صديقه أما المصادفة الكبرى فهى سير نفس الصديق فى نفس الشارع الذى يقود فيه عز ( خالد أبو النجا ) سيارته متجها إلى مصر لكى يغير عز وجهة نظره تماما إلى النقيض .ثمة قصة مقحمة على أحداث الفيلم وهى الخاصة بتاجر الحشيش ( شريف حلمى ) الذى يجأر بالصراخ بعد وفاة شقيقه معتقدا أن شجلوف هو من قام بقتله ثم يختفى لمدة ساعة ونصف دون أن نرى تطورات الحادث فى لقطة واحدة ( حيث يكتفى المؤلف بجمله عابرة على لسان صديق شجلوف يتحدث فيها عن بحث التاجر عنه ) قبل أن يظهر مرة أخرى فى نهاية الفيلم لكى ندخل فى مجموعة مطاردات ساذجة كأن يقتل التاجر ظابط شرطة يقف فى لجنة تمتلىء بالسيارات ولا تتحرك اى سيارة من مكانها ولا نرى رد فعل أى شخص باستثناء عز بل ولا نشاهد أى دور للشرطة سوى فى اللحظات الأخيرة على طريقة أفلام الخمسينات كأن يظهر ظابط الشرطة فجأة ليطلق النار على التاجر قبل قيامه بقتل شجلوف بلحظة واحدة .
إن اجتماع شخصين من وسطين اجتماعيين مختلفين حيث يؤثر كل منهما فى حياة الأخر هى فكرة براقة ولكن السيناريو يعبر عن أهم لحظات الفيلم وهى الخاصة بتطور العلاقة بين كلا من عز وشلة شجلوف والتى ألهمته بكتابة أولى رواياته ( عجميستا ) عن طريق فوتومونتاج ساذج حيث يجلس معهم أثناء تدخينهم للحشيش أو حين يقف مع شجلوف فى المطبخ أو أمام البحر بينما يتعمد المخرج لأغراض تجارية بحته إما إقحام بعض المشاهد مثل الظهور المفاجىء لمى عز الدين فى مشهد المواجهة بينها وبين عز ( خالد أبو النجا ) أو تطويل مشاهد أخرى لغرض تشويقى مثل مشهد دخول عز لمنزله أول مرة حيث أنه بالرغم من استخدام المونتاج المتوازى بالانتقال بين تجول عز داخل منزله ومحاولة هروب شجلوف من نفس المنزل إلا أن المشهد يعانى من البطء الشديد بسبب طول اللقطات الخاصة بكلا الممثلين . بشكل عام يثبت فيلم عجميستا أن الأفكار الجيدة لا تصنع دوما أفلاما متميزة .

علاقات خاصة ...علاقات غير متشابكة

عندما قرر المنتج حسين القلا المغامرة بعرض فيلم أوقات فراغ فى الصيف لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع نجاح الفيلم لتندفع بعدها عجلة الإنتاج كالشلال ونسمع يوميا أخبار جديدة عن إنتاج فيلم شبابى بتكلفة منخفضة .فيلم علاقات خاصة هو ثالث أفلام إيهاب لمعى بعد تجربتيه السابقتين من نظرة عين وكان يوم حبك والعامل المشترك فى الأفلام الثلاثة هو قيام إيهاب بجانب الإخراج بعمل ديكورات أفلامه الثلاثة ، بينما استعان بمدير التصوير وليد نبيل فى فيلميه الأول والثانى .
أسئلة وأجوبة :ـ هل أضافت مشاهد رحلة العزبة التى استمرت قرابة العشر دقائق شيئا للفيلم ؟ هل طورت الأحداث مثلا ؟ الإجابة قطعا لا .. ليظهر سؤال أخر لماذا لم يحذف المخرج هذه المشاهد فى حجرة المونتاج ؟ الإجابة بسيطة .. ليجعلنا نستمتع بمشاهدة ألوان البيكينى التى ترتدياها كلا من تتيانا وسارة بسام .
مونولوجات :ـ منذ أربعين عاما تم توظيف المونولوجات الداخلية فى فيلم ثرثرة فوق النيل للسيناريست ( ممدوح الليثى ) بشكل يخدم مضمون الفيلم ، أما فى عام 2007 فان المؤلف ( نبيل عزت ) يوظف المونولوج الداخلى لنسمع عبارات من نوعية ( البنت دى جامدة قوى ، يالا يا معلم خش عليها ، ياترى بتحبنى واللا مبتحبنيش ) دون أن ندرك مبرر كل هذه المونولوجات التى يمتلىء بها الفيلم .
ضيوف شرف :ـ إذا كانا فيلمى المذنبون للمخرج سعيد مرزوق وإسكندرية ليه للمخرج يوسف شاهين قد حققا الرقم القياسى فى الاستعانة بضيوف الشرف فان المخرج إيهاب لمعى قد ابتكر نظرية مفادها ( الاستعانة بضيوف الشرف أوفر كثيرا من الاستعانة بكومبارس متكلم ) وعلينا أن نصفق لطريقة عفريت العلبة التى ظهر بها ضيوف الفيلم ،كأن يقفز الممثل فى وجهك صارخا ( بخ ) .
الفراغ القاتل :ـ هذا الكم من الثرثرة التى يمتلىء بها الفيلم والذى لا ندرى له سببا ، كأن نسمع على مدار الفيلم ذكريات الأبطال الثلاثة بشكل مفصل ، وأن يستغرق مدحت ( أحمد نور ) قرابة الساعة فى تدخين عشرة ألاف سيجارة لمجرد شكه فى خيانة زوجته ، قبل أن نشاهد أسخف مشهد مواجهة فى تاريخ السينما ( يا تطلقنى يا تسامحنى ، خنتينى ليه .. أنا بحبك قوى ) وأن نشاهد ثلاث لقطات بالعدسة الواسعة التى تشوه المنظور لميدان كبير تنتهى بأحد الأبطال جالسا داخل سيارته قبل أن نشاهد لقطة رابعة تنتهى بالأبطال الثلاثة يقفون صامتين بجوار سياراتهم ، وأن يتكرر نفس الحوار على لسان أكثر من من ممثل فى مشاهد متتالية ( قلتلك إن احمد مبيعرفش يحب ، لو طلبتينى هكون أسعد إنسان فى الدنيا ) إذا تغاضينا عن كل هذا فإننا لا نستطيع نسيان هذا البرود الخانق الذى يسيطر على المتفرج أثناء مشاهد الممثلة تتيانا .
تقنيات :ـ يصر المخرج ايهاب لمعى على اقحام اشكال سردية لا تخدم أفلامه فقد استخدم فى فيلم ( كان يوم حبك ) لونى الأبيض والأسود فى مشاهد تذكر البطلة لحياتها وتعرض المشاهد على شراع مركب ، وفى علاقات خاصة نجده يقوم فى المشهد الأول بكتابة أسماء الأبطال بجوار الممثلين ويستعين طوال الفيلم بفواصل لمطربة تقوم بأداء بعض الأغانى كتعليق على الأحداث ويلجأ للعناوين فى بداية الفيلم ونهايته ويخدعنا بنهاية زائفة قبل أن يفاجئنا بالمصير الحقيقى لشخصيات الفيلم ولكن كل هذا لا يضيف للفيلم شيئا وكان من الأفضل لو ركز المخرج جهوده فى توجيه أداء الممثلين خاصة ( يوسف حايك وسارة بسام ) الذى هبط بالفيلم إلى القاع .

رامى الإعتصامى ... البحث عن قضية


إذا قام شخص ما بسؤال أحد كتاب السيناريو ، عن أسرع طريقة لتقديم شخصية درامية ، فسيصمت قليلاً ، ثم يرشده إلى بعض الأفلام المصرية و الأجنبية ، وقبل إنصرافه من الجلسة التى ستجمعهما ، سيهمس فى أذنه بضرورة مشاهدة فيلم رامى الإعتصامى ، ففى أول ثلاث مشاهد يظهر فيها رامى ( أحمد عيد ) ، يستطيع السيناريست لؤى السيد إعطاء المتلقى ملخص لشخصيته ، ويشمل هذا الملخص وضعه الإجتماعى ، بالإضافة إلى علاقاته بأصدقائه و بالفتاه التى يحبها من طرف واحد ، كما يلقى الضوء على الحدث الذى سيبنى عليه أحداث الفيلم وهو قيام البطل بإنشاء جروب على موقع ( الفيس بوك ) يطلب فيه تغيير النشيد الوطنى .
هذا التقديم المكثف لشخصية البطل ، وهو يختلف عن كثير من أبطال الأفلام الشبابية فى نقطة رئيسية وهى أنه شخص لا يثير تعاطف المتلقى طوال جزء كبير من أحداث الفيلم ، وذلك لأن كل تصرفاته إنما تنبع من حالة الخواء التى يعيش فيها ، والتى من أبرز سماتها شغفه بفتيات الليل اللاتى تنتمين إلى الأحياء الشعبية. وذلك على العكس من الشخصية الأكثر إنسانية ، وهى كاكا ( ريكو ) ، فظروفه الإجتماعيه تدفع إلى التعاطف معه ، فهو يعانى من الفقر وعدم القدرة على الزواج من حبيبته فوزية (أيتن عامر) ، مما يذكرنا بهذا العامل (إسماعيل فرغلى) والذي ظهر فى مشهد واحد ، يشكو فيه من ظلم صاحب المصنع الذى يعمل بداخله ، طارحاً فكرة الإعتصام التى اقتبسها منه البطل .
عدة رموز ينثرها كاتب السيناريو والمخرج على مدار هذا الفيلم ، يتم التعبير عن بعضها عن طريق الانتقال بين الشخصيتين الرئيسيتين (رامى ـ كاكا) ، فالمخرج يعرض فى أحد المشاهد جزء من فيلم ( الأرض ) للمخرج يوسف شاهين ، فى التلفزيون الموجود داخل خيمة البطل ، وذلك بعد فقدان أهل العشوائيات لمكان إقامتهم ، بينما يزرع كاتب السيناريو شخصية عسكرى أمن مركزى فقير ، يرغب فى العودة إلى قريته ، والزواج من حبيبته ، ويؤدى دوره الممثل (محمد رمضان) ، مقتنعاً فى قرارة نفسه ، بأنه يقدم دوراً خالداً ، يماثل ما قدمه الفنان (أحمد ذكى) فى فيلم البرىء للمخرج (عاطف الطيب) ، ولكنه ينسى فى ذروة حماسة أن المؤلف لم يجعل مصير شخصيته هو الموت فقط ، بل جعل النسيان هو مصيرها الأوحد برغبته الواضحة فى إضفاء حس كوميدى على الشخصية عن طريق صورة خطيبته القبيحة ، والتى يركز عليها المخرج فى لقطة مقربة (close up).
عملية ( قص و لصق) يقوم بها صناع العمل من عدة أفلام مختلفة ، فهناك فيلم عايز حقى للمخرج (أحمد جلال) سبق وأن ظهرت فيه فكرة التدخل الأجنبى الراغب فى تشجيع أى أنشطة مضادة لسياسة الدولة ( بيع المال العام فى الفيلم الأول ، وتغيير لون ونشيد علم مصر فى الفيلم الثانى ) ، وهناك إختيار نفس الممثل ( أحمد راتب ) لشخصية المسئول الأمنى الذى يقف على الحياد دائماً ولا يهمه سوى مصلحة الوطن ، والتى ظهرت سابقاً فى فيلم ( أنا مش معاهم ) للمخرج أحمد البدرى ، أما النقطة الأهم فهى هذا التقديم الموضوعى من وجهة نظر صناع العمل للتيار الدينى ، فإذا تأملنا شخصيات الفيلم ، والتى قام المؤلف بتقسيمها إلى فئات ثلاثة سنجد أن التعميم هو الصفة الغالبة ، فرامى وأصدقاؤه منحلون يشربون الخمر ، وينفقون أموالهم فى إقامة الحفلات الصاخبة ، أما أهالى العشوائيات فبالرغم من كون بعضهم يسرق من أجل سد جوعه ، ويحاول استغلال الإعتصام لتحقيق مكاسب مادية ، إلا أن هذا لا يجعلهم يفرطون فى شرفهم والذى دافعت عنه فوزية عند محاولة رامى إغتصابها ، فى أحد أكثر المشاهد إضحاكاً ، أما التيار الدينى فقائدهم أبو المواهب ( إيهاب فهمى ) يكره العنف ، على العكس من مساعده ، و يوضح السيناريو موقفة من عملية الفوضى التى تسببت فى مقتل الجندى ، وهو ما يذكرنا بشخصية الطالب المعتقل ( مجدى بدر ) فى فيلم المخرج أحمد البدرى السابق ذكره ، و محاولة السيناريو أن يكسب تعاطف المشاهد معه من خلال الكلمات الرقيقة التى إحتوى عليها خطابه الذى أرسله إلى والدته .
بينما تتأخر ردود أفعال بعض الشخصيات ، مثل طلب رئيس الوزراء من مساعدة إمداده بملفات كل من ( رامى ـ كاكا ـ أبو المواهب ) ، وذلك بعد إستماعه إلى إقتراحاتهم من أجل تغيير النشيد ، وهو ما كان يجب أن يحدث بمجرد ظهور كل منهم أمام مبنى رئاسة الوزراء ، تذكرنا نهاية الفيلم بعملان الأول هو فيلم هانى رمزى السابق ذكره ، والذى أكد فى ختامه على وجود بند جديد فى الدستور المصرى سيعمل على تطبيقه ، أما الثانى فهو فيلم صايع بحر للمخرج على رجب ، والذى وقف فيه كل من تاجر المخدرات ومحافظ الأسكندريه جنباً إلى جنب فى حفل زفاف البطل ساعين إلى مجاملته وإلى .. إسعاد المشاهدين .

The.Diving.Bell.And.The.Butterfly.


هناك ملاحظة هامة متعلقة بجوائز الأوسكار ، وهى أن كثير من الممثلين الحاصلين على هذه الجوائز قد قاموا بأداء شخصيات مريضة سواء كان مرضاً نفسياً أو عضوياً مثل داستين هوفمان فى فيلم ( رجل المطر ) أو جيمى فوكس فى فيلم (راى) ، كما ظهرت أعمال أخرى تحتوى على شخصيات تعانى من مرض خطير ، بحيث تنتهى أحداث العمل بوفاتها ، سواء كانت هذه الوفاة طبيعية مثل فيلم ( Terms of Endearment ) ، أو كانت بناء على رغبة الشخص نفسه مثل فيلم ( mar adentro ) ، والذى حقق فيه البطل حلمه بالتخلص من آلامه الشديدة.
ويأتي فيلمنا (The.Diving.Bell.And.The.Butterfly. ) وترجمته قناع الغوص والفراشة ، مكملاً لهذه النوعية من الأفلام ، فإذا بحثنا عن علاقة العنوان بمضمون الفيلم ، سنجد أنه يلخصه تماماً ، فقناع الغوص إنما يمثل ذروة اليأس المرتبط بالمكوث فى قاع البحر ، أما بالنسبة للفراشة فهى ترمز إلى الحرية والانطلاق وهو ما يرتبط بفكرة الأمل ، وبين اليأس والأمل تتمحور حياة البطل ، فهو مصاب بمرض أقعده عن الحركة ، ولم يتبقى له سوى إحدى عيناه بالإضافة إلى عقله ، والذى مكنه من تأليف كتاب يحمل الفيلم إسمه .
إن وجود شخصية درامية أمامنا تعانى من إعاقة ما ، إنما يثير فى أنفسنا شعوراً بالشفقة عليها على الفور ، وبالتالي فإن مؤلف العمل الذى يحتوى على هذه الشخصية ، لن يضطر إلى إيجاد مبررات لتصرفاتها بغرض التأثير على المتفرج ، بل أنه سيحولها إلى شخصية بيضاء تماما ، نقية فى كل تصرفاتها ، وهو ما لم يقم به كاتب سيناريو هذا الفيلم ، فهذا البطل الراقد دون حراك ، يتحول فى لحظة إلى شخص بلا قلب ، إذ يطلب من زوجته أن تخبر صديقته فى التليفون بأنه يحتاجها بجواره ، وذلك عن طريق عيناه .
التواصل بين البطل ومن حوله لا يتم عن طريق الحوار المباشر ، وإنما يتم من خلاله حركة عيناه ، وهو ما يصيبه بالإرهاق فى بعض الأحيان ، فيتمنى أن يقوم بإغلاقها ، و تأكيداً لأهمية التواصل فى حياته ، فإن البطل يقتصر ظهوره قبل موافقته على إقتراح الممرضة الخاصة به ، على مجموعة لقطات لأجزاء من وجهه أثناء قيام كل من المخرج والسيناريست ، بتقديم طبيعة الوظيفة التى كان يعمل بها البطل قبل إصابته ، ولكن بعد أن يبدأ فى التواصل معها ، فإن البطل يظهر أمامنا بكامل هيئته ، ويستخدم كاتب السيناريو المونولوج الداخلي على مدار الفيلم ، معبراً به عن مشاعر البطل ، فهو يبدى إعجابه بالممرضات فى بعض الأحيان ، و يعلن عن إحساسه الدفين بالحزن أثناء جلوسه مع أطفاله بجوار الشاطئ .
ثمة كآبة تسيطر على حياة البطل سواء فى واقعه أو أحلامه أو ذكرياته ، فهو يعانى من الوحدة يوم الأحد من كل إسبوع لأن المستشفى تكون خاليه من الحركة التى تجعله يشعر بأنه مازال حياً ، ويرصد المخرج صورة له وهو فى حالة حزن أثناء تذكره للحظة مليئة بالشجن جمعته بوالده العجوز .
و يتم سرد أحداث الفيلم من خلال وجهة نظر البطل ، فالكاميرا يتم وضعها لتجسد الجزء الذى يراه داخل الكادر ، فعندما تأتى زوجته لمقابلته فى بداية الفيلم ، فإن الكاميرا ترصدها أثناء حديثها مع الطبيب ، بحيث يظهر جسديهما بأكمله على الشاشة باستثناء الجزء الأعلى من الوجه ، وعندما يعانى البطل فى نهاية الفيلم من إختفاء حاسة الإبصار فإن المخرج يستخدم مؤثراً بصرياً بحيث لا نكاد نتعرف على طبيعة الشخص الذى يتوجه إليه بالحديث .
سؤال هام يظهر أمامنا أثناء متابعتنا للدراما التقليدية ، وهو يختص بطبيعة الحدث الدرامى الذى ترتبت عليه أحداث العمل السينمائى ، فإذا كان العمل بوليسياً يبقى السؤال النمطى الشهير (من القاتل) ، وفى فيلمنا هذا يدخر المؤلف السبب الحقيقى لإصابة البطل ، ليفاجئنا فى النهاية أنه ليس ناتجاً عن تعرضه لحادث سير مثلاً ، وإنما جاء بسبب قدري ، فهل أراد الله إختبار قدرته على الصمود والتحمل ، أم أن ما فعله جاء عقاباً له عن عدم إحساسه بزوجته التى تعشقه ، أفضل ما قام به السيناريست أنه ترك الفرصة أمامنا لكى نحكم على الأحداث التى نشاهدها بحيادية تامة .
يرى البعض أن هناك نوعين من الأفلام ، الأول نوع نتمنى أن نصنعه، أما الثانى فنندم على مشاهدتنا له ، ولكنى أضيف نوعاً ثالثاً وهو الأعمال التى لا نستطيع أن نصنع مثلها ، لأننا بمجرد قيامنا بمحاولة بسيطة فى هذا الأمر ، سيلقى علينا مؤلف تلفزيونى شهير ، جملة واحدة هى ( لم أستمتع بفيلمك ) .

The Hoax


أثناء قيام المخرج ( أوليفر ستون ) بتصوير فيلمه ( الأبواب ) عرضت عليه شركة وارنر بروس عمل فيلم يحكى عن قصة حياة الملياردير المعروف ( هوارد هيوز ) ولكن المشروع تعطل ليعيد المخرج ( مارتن سكورسيزى ) إحياءه مرة أخرى بإيعاز من الممثل (ليوناردو دى كابريو) والذى قرر بعد القبول النقدى الذى حظى به فيلمى (catch me if you can ـ gangs of new york ) أن يتجه نحو نوعية أخرى من الأفلام التى يستطيع من خلالها إبراز قدراته كممثل ، مما جعله يقوم بإنتاج فيلم ( the aviator ) والذى حصل على خمس جوائز أوسكار .
(هيوز ) هو الحاضر الغائب فى فيلم ( the Hoax ) فأغلب لقطاته ذات صبغة تسجيلية ، إما لقطات موثقة أو تم تصويرها بحيث أنها تبدو للمشاهد وكأنها جزء من أرشيف تسجيلاته ، ويعبر السيناريو عن سلطاته طوال الأحداث ، ففى العديد من المشاهد يصاب البطل وصديقه بحالة من الذعر الشديد نتيجة خوفهما من قيام هيوز بالتخلص منهما ، كما يفرط الصديق فى الشراب ومصاحبة فتيات الليل إعتقاداً منه أنه هالك لا محالة ، ويعلق البطل صوره داخل حجرته ، كما تتصدر صورة كبيرة عندما يتم الإحتفال بمناسبة نشر الكتاب لها دلاله واضحة فى سيطرته على مجريات الأمور ، وعندما يعرض البطل فكرة الكتاب على دار النشر فإن إحدى الموظفات تؤكد أنه (سيحقق أرباح تتجاوز مبيعات الكتاب المقدس ) .
إن شخصية (هيوز) والذى يسخر البطل من عزلته فى أحد المشاهد ، مطمئناً نفسة بأنه لن يرفع قضية ضدة ، إنما تتضح فى نهاية الأحداث فهو يحرك الجميع وكأنها لاعب عرائس ماهر ، فهو ليس ساذجاً وإنها شخص يمتلك جاذبية خاصة ، نلاحظ أن البطل أثناء تسجيلة للإسطوانات بصوت هيوز ، يحاول بقدر الإمكان محاكاة الشخصية فى شكلها الخارجى ( تسريحة الشعر ـ الشارب ) بالرغم من عدم أهمية تصرفاته على الإطلاق ، هو ما يعبر عن تحوله إلى أسطورة بالنسبة إليه ، مما يجعل طلبه بأن يقابله يتجاوز كونه رغبة كاتب فى اللقاء بشخصية عامة ، إلى رغبته فى الوصول إلى شىء أسطورى .
إن البطل يستمر فى كذبته حتى النهاية ففى أحد مشاهد الفيلم تخبره دار النشر أن هيوز أخبرهم عن طريق التليفون بأنه لا يعرفة ، ويلجأ السيناريو للمرة الأولى والأخيرة للمونولوج الداخلى حيث ينوى الكشف عن الحقيقة لهم ولكنه سرعان ما يعدل عن رأيه حتى لا يخسر كل شىء .
ولكن السيناريو يحتوى على العديد من الخطوط الغير مشبعة درامياً مثل علاقة البطل بزوجته / حبيبته ، بالإضافة إلى شخصية الصديق ( ألفريد مولينا ) والتى يتم حصرها فى قالب السنيد النمطى فى معظم الأحداث بالرغم من أن نهاية الشخصية حملت إسقاطاً واضحاً على علاقة الفنان بجمهوره من خلال قيامة بإلغاء أحد فصول الكتاب والذى كان يعتقد أنه سيثير الكثير من المشاكل .
المخرج ( لاس هالسترم ) رغم تقديمه لأعمال متميزة مثل (chocolat ـ the cider house rules ) فإنه يكتفى فى هذا الفيلم بإتقان الصورة التى لا تصل بطبيعة الحال إلى مستوى الأفلام التى دارت فى نفس الفترة الزمنية مثل ( forrest gump ) للمخرج روبرت زيميكس أو (نيكسون) للمخرج أوليفر ستون ، وذلك باستثناء تنفيذه لمشهد قيام البطل بحكى قصة مقابلة وهمية بينه وبين (هوارد هيوز) والذى تم التعبير عنها بمشاهد مصورة بلونى (الأبيض والإسود ) .
تتحدث كاثرين هيبورن ( كيت بلانشيت ) فى فيلم ( the aviator ) قائلة (هناك الكثير من هوارد هيوز داخل هوارد هيوز ) هذه الجملة تلخص بتكثيف عميق مضمون فيلم ( the hoax ) .

There were be blood


العزلة الإختياريه

يستوحى المخرج بول توماس أندرسون فيلمه من رواية تحمل إسم ( oil ) أو النفط والذى يعتبر هو المحور الرئيسى لأحداث الفيلم ، ولكن إذا توقفنا أمام عنوان الفيلم (ستكون هناك دماء) فإننا سنلاحظ أن علاقته بالمحتوى الشكلى للفيلم تكاد تكون منعدمة ( يقتصر ظهور الدماء على مشهد النهاية) ، بينما يبدو العنوان ملتصقا بأجواء الفيلم وشخصياته التى لا تتورع عن إرتكاب أى جريمة فى سبيل تحقيق مصالحها الشخصية ( يقوم القس بالإعتداء على والده فى أحد المشاهد) ، ولذلك فإن الدماء ستظل متوافرة وبكثرة طالما بقى أمثال البطل على قيد الحياة .
دانيال بلاينفيو يقدمه المخرج / المؤلف فى البداية وهو يعمل بجد وإخلاص شديدين ، ثم نتعرف على إسمه عن طريق توقيعه على أحد الشيكات وهى تفصيلة تتكرر مرة أخرى فى نهاية الفيلم ، وذلك فى إشارة واضحة إلى سيطرة المادة على الشخصية ، يبدو على مدار الفيلم كشخص منعزل عما حوله ( نلاحظ أن علاقته بمساعدة تقتصر على العمل فقط ) ، ويعتمد المخرج بشكل رئيسى على أدء البطل ( دانيال دى لويس ) فى التعبير عن أفكاره ، فعلى سبيل المثال يترك بلاينفيو فى أحد المشاهد الطفل الصغير داخل القطار وتركز الكاميرا على البطل و الذى يبدو فى حالة حزن وندم ، ونراه فى مشهد أخر يعلن عن شكه فى الشخص الذى يدعى أنه شقيقه من خلال لقطة مكبرة ( c.up ) بدون حوار ، تعتمد بشكل رئيسى على تعبيرات الوجه .
ويقتصر البعد الإنسانى للشخصية على لحظات قليلة مثل المشهد الذى يقوم فيه البطل بالبكاء وهو يتأمل مذكرات شقيقة الراحل ، و يعبر المخرج عن إفتقاده للأهل عن طريق لقطة مقربة جداً ( b.c.up ) لإحدى الكلمات المكتوبة ( brother ) وتعنى أخى ، أو قيامة بإعطاء الطفلة الصغيرة فستان جديد و اطمئنانه من عدم قيام والدها بإيذائها .
العلاقة بين دانيال والقس تبدو معقدة فهما يتبادلان السيطرة على مقاليد الأمور ، ويقوم كل منهما بإذلال الأخر( يصفح دانيال إيلاى مطالباً إياه بإعادة حاسة السمع للطفل) ، ولكن دانيال يشعر أن القس مجرد طفل صغير (يحدثه أنه أفضل وأذكى منه) ، ويتخلص منه فى مشهد النهاية والذى نلاحظ إستخدام المخرج فيه لنفس الجملة الموسيقية المصاحبة لمشهد إفتتاح بئر البترول ، والذى كان بداية الصراع بينهما و الذى حسم لصالح دانيال .
ويأتى إختيار الممثل (بول دانو) لأداء شخصيتى القس وشقيقه مقصوداً من قبل المخرج ، فكلاهما وجهان لعملة واحدة يرغبان فى الحصول على كل شىء ( المال / التقديس ) ، ويظهر بوضوح مدى كراهية القس لشقيقة عندما يحدث والدة بأن شقيقة الأحمق قد أرشد دانيال إلى مكان البترول .
إن البطل يتاجر بالطفل طوال الأحداث فيصرح لكل من يقابلة أنه إبنه وشريكة ، كما يصطحبه معه فى كل مكان ، يحدثه أحد ملاك الأراضى أنه قد طلب منه الذهاب إليه ولكنه لم يأتى فيرد ببساطة أن إبنه كان مريضاً بالرغم من أن الطفل كانت صحته ممتازة فى تلك الفترة
تبقى فى النهاية الإشارة إلى أن أداء الممثل ( دانيال دى لويس ) رغم تميزه على مدار الفيلم ، الا اننى ارى ان التركيز على ادائة وشخصيته، حول الشخصيات الأخرى إلى أشباح باهتة .