المرة دى تغيير ، أتمنى القصة تعجب زوار المدونة
التأمل
من ضمن الأشياء المميزة لعمر أنه إنسان مثالى ، فهو يعمل فى وظيفة لا يكن أى إحترام لجميع الموجودين فيها ، وبالرغم من ذلك فهو بالنسبة إليهم شخصاً ساذجاً فهو يرد على جميع الزملاء بعبارة واحدة وهى ( تحت أمرك ) سواء كان يتبادل الحديث مع المدير الذى يمقته أو الساعى الذى يتمنى تعلم التصويب حتى يتخلص منه ، فى بعض الأيام تأتى إلى المكتبة التى يعمل بها إمرأه تبدو فى أحسن الأحوال أشبه بفتيات الليل ، تملك سيارة فخمة ، تحاول أن تظهر بمظر المثقفين ، لمحها أحياناً فى بعض مقاهى وسط البلد ، كل ما تعلمه عن فن الرواية ، هو أن عمارة يعقوبيان تتحدث عن الإنحدار الذى أصاب مصر فى سنواتها الأخيرة ، تصطحب معها طفلة صغيرة ، سبعة أعوام ، تحمل حقيبتها المملوئة بالكتب التى ستذهب إلى غرفة الكراكيب فى نهاية اليوم ، تبدو الطفلة أشبه ببطلة قصة يوسف إدريس ( نظرة ) لا تفتح فمها بأى شىء ، لدرجة أنه إعتقد فى بداية الأمر إصابتها بداء الخرس ، حاول أحياناً تبادل الحديث معها ولكنه لم يلبت وأن توقف فهى ترفض التجاوب معه على الإطلاق ، خيل إليه للحظات أنها عبارة عن إنسان ألى مبرمج فاقد للروح والحياة .
يتجه عمر يومياً إلى منطقة وسط البلد ، يقف أمام سينما كريم متسائلاً عن موعد إفتتاحها ، ثم يجلس فى أتوبيس هيئة النقل العام ، يركب معه فى معظم الأحيان شاب أصغر منه بعامين ، يجلس بجواره بأناقته الملفته للنظر و تبادلا السجائر ذات يوم ، وتعارفا فى يوم أخر ، لم يسأله عن وظيفته ، لمحه فى أحد المحلات يشترى كاب ظريف .
بعد عدة أسابيع إستمرت المرأة فى المجىء بحقيبتها الثقيلة ، ولكن تغير المرافق ، صار طفلاً صغيراً ، خطر فى ذهنه عدة إحتمالات كأن تكون الطفلة قد قتلت على يد المرأة أو فرت هاربة مستغله إستغراقها فى النوم ولعلها قامت بإجراء عملية تغيير لجنسها ، إبتسم عندما جاءه هذا الخاطر ، ذات يوم حاول سؤال المرأة ولكنها .. لم ترد عليه .
بعد زيارته لطبيب التخسيس الخاص به ، توجه عمر إلى أحد محلات المأكولات لتناول الطعام ، طلب طبق مكرونة وجلس ينتظر النادل مستغرقاً فى قراءة جريدة اليوم التالى ، لدرجة أنه لم يسمع صوت إرتطام الطبق بالمائدة ، سمع صوته من خلف الجريدة ( لو سمحت ) ، ألقى بالصفحة التى يمسك بها على المقعد المجاور له ، نظر أمامه ليجد راكب الأتوبيس ، لم يتحدثا هذه المرة ، تبادلا النظرات فقط ، أخذ يلتهم ما أمامه بسرعه ، محاولا تجنبه بأى شكل ، لم يمس زجاجة الشطه التى وضعها أمامه ، وعند دفعه للحساب تعمد ألا يمنحه بقشيشاً بالرغم من أنه معروف بكرمه المفرط .
بعد هذا اليوم ، حدثت تغيرات طفيفة ، فعمر لم يدخل المطعم مرة أخرى ، وقرر الركوب من موقف أحمد حلمى ، أما الشاب فقد إستغرب مدير المطعم رغبته فى النقل لفرع أخر ، كما علقت أسفل المكتبة لافته الموظف المثالى مزينة بإسم .... عمر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق