السبت، 1 أغسطس 2009

حسن و مرقص ... توتر ما قبل العاصفة



فى أحد مشاهد فيلم ( للحب قصة أخيرة ) يصور المخرج ( رأفت الميهى ) جنازة شخصية قبطية ، ويركز فى إحدى اللقطات على مسجد وكنيسة متجاوران ، وفى فيلم حسن ومرقص 2008 للمخرج رامى إمام ، نجد التركيز على متانة العلاقة بين طرفى الأمة بشكل بصرى من خلال إنتقالة سينمائية من أيدى جرجس وفاطمة ( محمد إمام ـ شيرين عادل ) إلى لقطة ليد بولس ومحمود ( عادل إمام ـ عمر الشريف ) ، وهى إنتقالة موجودة فى السيناريو الخاص بالفيلم والذى نشر فى كتاب مؤخراً .
ثمة ملاحظة خاصة بفيلم حسن ومرقص هى أن أغلب مشاهدة إنما يسيطر عليها أنواع مختلفة من التوتر ، ففى بعض المشاهد تحدث مواجهات بين بطلى الفيلم وقوى متغيرة ، أحياناً تتبع السلطة المتمثلة فى اللواء ( عزت أبو عوف ) والذى يغير من شخصية كل منهما ، مروراً بالشرطة التى تلقى القبض على بولس و محمود داخل المخبز الخاص بهما .
وفى مشاهد أخرى يبدأ المشهد هادئاً ثم يتحول بدخول شخصية أخرى ، أو بمجرد قيام أحد الأشخاص بالحديث عن موضوع معين ، ففى أحد المشاهد يتناول محمود طعام الإفطار مع أفراد أسرته ، ثم يدخل بولس وويليام الذى يعرض عليه إيجاد شريك له فى مشروعه الخاص به ، وفى مشهد أخر يستقبل محمود كل من جورج وهانى ( يوسف داود ـ إدوارد ) ويقتصر الحوار فى البداية على التحيات المعتادة إلى أن يعرض جورج على محمود أن يرتبط هانى بإبنته ، فيثور محمود ليخرج الإثنان من المنزل وقد شعرا بالإهانة الشديدة .
بل أن التوتر يأتى فى مواضع أخرى من الفيلم بغرض التمهيد لقصة الحب مثل إصطدام جرجس بالباب فور رؤيته لفاطمة ، أو فرملة الأتوبيس الذى يستقلانه فى طريقهما إلى الجامعة ، كما يظهر بشكل واضح فى ذلك الخط الثانوى الذى يدور حول قصة حب تجمع بين شاب مسلم وفتاة مسيحية ليحدث جرجس زميلة أثناء وجودهما فى المعمل عن عواقب هذا الأمر قائلاً (المسيحيين هيقلبوا الدنيا ) وتتضح الصورة الكوميدية لفكرة عدم الإطمئنان فى كثير من المشاهد مثل دخول صاحب المنزل 
( حسن مصطفى ) إلى شقة بولس ، ليدعوه لأداء الصلاة فى الجامع ، و قيام جرجس بإدعاء إصابته بغيبوبة ، ليحدثة والدة عن أداء المسلمين لخمس صلوات ، فى إشارة إلى ضرورة إعتياده على هذا الإزعاج الذى سيستمر لفترة ليست بالقصيرة ، أو ذلك المشهد الذى يتلو فيه بولس بعض الترانيم الدينية قبل دخول محمود مما يجعله يدعى أنه إنتهى للتو من أداء فريضة الصلاة.
ونحن نلاحظ إرتباط ظهور شخصية اللواء ( عزت أبو عوف ) بالحوادث سواء كانت تخص بطلى الفيلم مثل ( إحراق المتجر الخاص بمحمود ـ تفجير سيارة بولس ) ، أو كانت حوادث عامة مثل (مجموعة التفجيرات المصاحبة لمكالمة بولس من مكتب ظابط المباحث ـ وجود قنبلة تستعد للإنفجار داخل إحدى محطات مترو الأنفاق ) بل أن المكالمة التليفونية الثالثة تحدث أثناء مشاجرة بينه وبين زوجته /هالة فاخر ، ( دارت تلك المكالمة فى السيناريو الأصلى أثناء مرور موكب يتبع شخصية سياسية هامة ) ، كما أن هذه المكالمات تبدأ بصياح شديد من العسكرى وهو ما يصيب اللواء بحالة من الغضب .
كل هذه الإشارات سواء عن طريق الصورة أو الحوار تقود الأحداث إلى الصيغة المباشرة فى المشاهد الأخيرة من خلال خطب رجال الدين المتعصبين ، مع الإختيار المقصود لمكان إنتقال أبطال الفيلم 

( محافظة الإسكندرية ) ، ليحدث الإنفجار الناتج عن كل هذا التوتر الذى يسيطر على الأحداث والشخصيات التى تتحرك من أقصى الشمال إلى جنوب مصر ( المنيا ) ، مروراً بالحى الذى يعيش فيه الأبطال والذى نستنتجه من لقطة مكبرة لكلمة ( شبرا ) الموجودة على لوحة معدنية بأحد الأتوبيسات التابعة لهيئة النقل العام .

هناك تعليق واحد:

محمود مخلص يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.